للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالت فرقةٌ: كان فينا ابنُ اللَّهِ ما شاء اللَّهُ، ثم رفَعه إليه. وهؤلاء النُّسْطُوريةُ، وقالت فرقةٌ: كان فينا عبدُ اللَّهِ ورسولُه ما شاء اللَّهُ، ثم رفَعَه اللَّهُ إليه. وهؤلاء المسلمون، فتظاهَرت الطائفتان الكافِرتان على المسلمةِ فقَتَلوها، فلم يَزَلِ الإسلامُ طامسًا حتى بعَث اللَّهُ محمدًا . ﴿فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ﴾. يعني الطائفةَ التي كفَرت من بني إسرائيلَ في زمنِ عيسى، والطائفةَ التي آمَنت في زمنِ عيسى، ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ في إظهارِ محمدٍ دينَهم على دين الكفارِ، فأصبَحوا ظاهرين (١).

وقولُه: ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ﴾. يقولُ: فقوَّينا الذين آمَنوا من الطائفتين من بني إسرائيلَ على عدوِّهم، الذين كفَروا منهم بمحمدٍ ؛ لتصديقِه إيَّاهم أن عيسى عبدُ اللَّهِ ورسولُه، وتكذيبِه مَن قال: هو إلهٌ. ومَن قال: هو ابنُ اللَّهِ. تعالى ذِكرُه. ﴿فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾: فأصبَحت الطائفةُ المؤمنون ظاهرين على عدوِّهم الكافرين مِنهم.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذِكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عبدِ اللَّهِ الهلاليُّ، قال: ثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ﴾. قال: قوَّيْنا.

حدَّثنا ابنُ حُمَيدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن مغيرةَ، عن شِبَاكٍ (٢)، عن إبراهيمَ:


(١) أخرجه ابن أبي شيبة ١١/ ٥٤٦، والنسائي في الكبرى (١١٥٩١)، وابن أبي حاتم ٤/ ١١١٠ (٦٢٣٣)، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٤٧/ ٤٧٥ من طريق أبي معاوية به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٣٨ إلى عبد بن حميد وابن مردويه.
(٢) في م: "سماك". وتقدم في ٩/ ٦٠٩، ٦١٠، ١١/ ٥٩٩.