للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشركين أسَرُوه، فكان فيهم، فكان أبوه يأتي النبيَّ ، فيشكو إليه مكانَ ابنِه وحالَه التي هو بها وحاجتَه، فكان رسولُ اللَّهِ يأمرُه بالصبرِ، يقولُ له: "إِنَّ اللَّهَ سيجعلُ لك (١) مخرجًا". فلم يَلبَثْ بعدَ ذلك إلا يسيرًا [أن انفلَت] (٢) ابنُه مِن أيدي العدوِّ، فمرَّ بغنمٍ مِن أغنامِ العدوِّ فاستاقها، فجاء بها إلى أبيه، وجاء معه بغِنًى قد أصابه من الغنمِ، فنزَلت فيه هذه الآيةُ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ (٣).

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا مِهْرانُ، عن سفيانَ، عن عمارِ بنِ (٤) معاويةَ الدُّهْنِيِّ، عن سالمِ بنِ أبي الجعدِ: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾. قال: نزَلت في رجلٍ مِن أشجعَ جاء إلى النبيِّ وهو مجهودٌ، فسأله، فقال له النبيُّ : "اتقِ اللَّهَ واصْبِرْ". فقال: قد فعَلْتُ. فأتى قومَه، فقالوا: ماذا قال لك؟ قال: قال لي: "اتقِ اللَّهَ واصْبِرْ". فقلتُ: قد فعَلْتُ. حتى قال ذلك ثلاثًا، فرجَع، فإذا هو بابنِه كان أسيرًا في بني فلانٍ مِن العربِ، فجاء معه بأعنُزٍ، فرجَع إلى النبيِّ ، فقال: إنَّ ابني كان أسيرًا في بني فلانٍ، وإنه جاءنا (٥) بأعْنُزٍ، فطابت لنا؟ فقال: "نعم" (٦).

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا حكامٌ، قال: ثنا عمرٌو، عن عمارٍ الدهنيِّ، عن سالمِ بنِ أبي الجعدِ في قولِه: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا﴾. قال: نزَلت في


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "له".
(٢) في الأصل: "أن أفلت". وفي م: "إذ انفلت". وينظر تفسير ابن كثير.
(٣) ذكره ابن كثير في تفسيره ٨/ ١٧٣.
(٤) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أبي". وهو عمار بن معاوية ويقال: ابن أبي معاوية. ويقال: ابن صالح. ويقال: ابن حيان. ينظر تهذيب الكمال ٢١/ ٢٠٨.
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "جاء".
(٦) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٣٢ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن أبي حاتم.