للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾: قال أبي (١): وجَدَتِ امرأةٌ مِن نساءِ رسولِ اللَّهِ مع جاريتِه في بيتها، فقالت: يا رسولَ اللَّهِ، أنَّى كان هذا الأمرُ، وكنتُ أهونَهن عليكَ؟ فقال لها رسولُ اللَّهِ : "اسْكُتي، لا تَذْكُرِي هَذَا لأحَدٍ، هيَ عَلَيَّ حَرَامٌ إِنْ قَرِبْتُها بَعْدَ هَذَا أبدًا". فقالت: يا رسولَ اللَّهِ، وكيف تُحرِّمُ عليكَ ما أحلَّ اللَّهُ لك حين (٢) تقولُ: "هي عليَّ حرامٌ (٣)؟ " فقال: "واللَّهِ لا آتِيها أبَدًا". فقال اللَّهُ تعالى ذكرُه: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. قد غَفَر اللهُ هذا لك، وقولُه (٤): ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ [التحريم: ٢].

حُدِّثتُ عن الحسينِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قال: سمعتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾: كانت الرسولِ اللَّهِ فتاةٌ، فَغَشِيَها، فبصُرت به حفصةُ، وكان اليومُ يومَ عائشةَ، وكانتا متظاهرتَينِ، فقال رسولُ اللَّهِ : اكْتُمي عَليَّ، ولا تَذْكُرِي لعائشةَ ما رأيْتِ". "فذكرتْ حفصةُ لعائشةَ، فغضِبتْ عائشةُ، فلم تزلْ بنبيِّ اللَّهِ ، حتى حلَف ألَّا يَقرَبَها (٣)، فأنزَل اللَّهُ هذه الآيةَ، وأمَره أن يُكَفِّرَ عن يمينهِ، ويأتيَ جاريتَه (٥).

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا جريرٌ، [عن عطاءٍ] (٦)، عن عامرٍ في قولِه: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾: في جاريةٍ له أتاها، فاطَّلعتْ عليه حفصةُ، فقال:


(١) في م: "إنه".
(٢) في ت ١: "حتى".
(٣) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أبدا".
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "قولك والله".
(٥) أخرجه ابن سعد ٨/ ٢١٣، والبيهقي ٧/ ٣٥٣ من طريق آخر عن الضحاك، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٤٠ إلى سعيد بن منصور وابن المنذر.
(٦) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣. وينظر تهذيب الكمال ٢٠/ ٨٦.