للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا﴾. قال: تلبَّدَتِ الجِنُّ والإنسُ على هذا الأمرِ ليُطْفِئُوه، فأبى اللهُ إلا أنْ يَنْصُرَه ويُمْضِيَه، ويُظْهِرَه على مَن ناوأَه.

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿لِبَدًا﴾. قال: لما قام النبىُّ تَلَبَّدَتِ الجنُّ والإنسُ، فحَرَصوا على أَنْ يُطْفِئوا هذا النورَ الذى أنزَله اللهُ (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا﴾. قال: تَظاهَروا عليه بعضُهم على بعضٍ، تَظاهَروا على رسولِ الله (٢).

ومَن قال هذا القولَ فتَح الألفَ مِن قولِه: ﴿وَأَنَّهُ﴾.

وأولى الأقوالِ فى ذلك عندَنا بالصوابِ قولُ مَن قال: ذلك خبرٌ مِن اللهِ عن أَنَّ رسولَه محمدًا لما قام يَدْعوه، كادتِ العربُ تكونُ عليه جميعًا في إطفاءِ (٣) نورِ اللهِ.

وإنما قلنا ذلك أولَى التأويلاتِ بالصوابِ؛ لأنَّ قولَه: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ﴾. عقيبَ قولِه: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ﴾. وذلك مِن اللهِ جلَّ وعزَّ خبرٌ، فكذلك قولُه: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ﴾. وأخرى أنَّه تعالى ذكرُه أتْبَع بذلك قولَه: ﴿فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾. فمعلومٌ أن الذي (٤) يَتْبَعُ ذلك الخبرُ عمَّا لَقِيَ المَأْمُورُ


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٣٢٣ عن معمر به، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٦/ ٢٧٥ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٨/ ٢٧٢.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢: "إظهار".
(٤) في الأصل: "الله".