للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾. قال: كان آدمُ النبيُّ (١) آخرَ ما خلَق الله من الخَلْقِ (٢).

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا مِهْرانُ، عن سفيانَ: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ﴾. قال: آدم (٣).

وقولُه: ﴿حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ﴾. اختلَف أهلُ التأويلِ في قَدْرِ هذا الحين الذي ذكَره اللهُ ﷿ في هذا الموضعِ؛ فقال بعضُهم: هو أربعون سنةً. وقالوا: مكَثَتْ طينةُ آدمَ مُصَوَّرَةً لا تُنْفَخُ فيها الرُّوحُ أربعينَ عامًا، فذلك قَدْرُ الحينِ الذي ذكَره اللهُ ﷿ في هذا الموضعِ. قالوا: ولذلك قيل: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾؛ لأنه أتى عليه وهو جسمٌ مُصَوَّرٌ لم تُنْفَخُ فيه الرُّوحُ أربعونَ عامًا، فكان شيئًا غيرَ أنه لم يكن شيئًا مذكورًا. قالوا: ومعنى قولِه: ﴿لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ لم يكن شيئًا له نباهةٌ (٤) ولا رِفعةٌ ولا شَرَفٌ، إنما كان طينًا لازِبًا وحمأً مسنونًا.

وقال آخرون: لا حدَّ للحينِ في هذا الموضعِ. وقد يَدْخُلُ هذا القولُ مِن أنَّ الله جلَّ ثناؤه أخبَر أنه أتى على الإنسانِ حينٌ مِن الدهرِ، وغيرُ مفهومٍ في الكلامِ أنْ يقالَ: أتى على الإنسانِ حينٌ قبلَ أن يُوجَدَ، وقبلَ أنْ يكونَ شيئًا. وإذا أُريد ذلك قيل: أتى حينٌ قبلَ أَنْ يُخْلَقَ. ولم يقلْ: أتى عليه. وأما الدهرُ في هذا الموضعِ فلا حدَّ له يُوقَفُ عليه.


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٣٣٦ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٩٧ إلى ابن المنذر.
(٣) ذكره القرطبي في تفسيره ١٩/ ١١٩.
(٤) في ت ١: "باه"، وفى ت،٢، ت ٣: "بناهد".