للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إنا خَلَقْنا ذريةَ آدمَ مِن نطفةٍ. يعنى: مِن ماءِ الرجلِ وماءِ المرأَةِ. والنطفةُ: كلُّ ماءٍ قليلٍ في وعاءٍ؛ كان ذلك رَكيَّةً (١) أو قِرْبةً أو غيرَ ذلك، كما قال عبدُ اللهِ بنُ رواحةَ (٢):

هل أنتِ إلا نُطْفَةٌ في شَنَّهْ

وقوله: ﴿أَمْشَاجٍ﴾. يعنى: أخلاطٍ، واحدُها: مَشِجٌ ومَشِيجٌ، مِثلُ خِدْنٍ وخَدِينٍ، ومثلُه قولُ رُؤْبةَ بن العجاجِ (٣):

يَطْرَحْنَ (٤) كُلَّ مُعْجَلٍ نَشَّاجِ

لم يُكْسَ جِلدًا في دَمٍ أَمْشَاجِ

يقالُ منه: مَشَجْتُ هذا بهذا. إذا خَلَطْتَه به، وهو ممشوجٌ (٥) به ومَشِيجٌ، أي: مخلوطٌ به، كما قال أبو ذؤيبٍ (٦):

كأنَّ الريشَ والفُوقَين مِنه … خلافَ (٧) النَّصْلِ سِيطَ به مَشِيجُ

واختلَف أهلُ التأويلِ في معنى الأمشاجِ التي (٨) عُنِى بها في هذا الموضعِ؛ فقال بعضُهم: هو اختلاطُ ماءِ الرجلِ بماءِ المرأةِ.


(١) في الأصل: "ركيا".
(٢) ديوانه ص ١٥٣.
(٣) ديوانه ص ٣٢
(٤) في الديوان: "يقذفن".
(٥) في الأصل: "منسوج".
(٦) البيت من شعر عمر بن الداخل كما في ديوان الهذليين ٣/ ١٠٤، وشرحه ٢/ ٦١٩.
(٧) في م: "خلال".
(٨) في م: "الذي".