للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ﴾ مِن خصوصيةِ الخبرِ عن المقتولِ في سبيلِ اللهِ الذي لم يُعمَّ به غيرُه، وقد عَلِمتَ تَظاهرَ الأخبارِ عن رسولِ اللهِ أنه وصَف حالَ المؤمنينَ والكافرينَ بعدَ وفاتِهم، فأخبرَ عن المؤمنينَ أنهم تُفتحُ لهم مِن قبورِهم أبوابٌ إلى الجَنَّةِ يتَنَسَّمُون (١) منها رَوْحَها، ويَسْتَعْجِلونَ اللهَ قيامَ الساعةِ؛ ليَصيروا إلى مساكنِهم منها، ويُجْمَعَ بينَهم وبينَ أهالِيهم وأولادِهم فيها، وعن الكافرين أنه (٢) تُفْتَحُ لهم من قبورِهم أبوابٌ إلى النارِ يَنظُرونَ إليها ويُصيبُهم مِن نَتْنِها ومَكْروهِها، ويُسلَّطُ عليهم فيها إلى قيامِ الساعةِ مَن يَقمَعُهم فيها، ويسألون اللهَ فيها تأخيرَ قيامِ الساعةِ؛ حَذارًا مِن المصيرِ إلى ما أُعِدَّ لهم فيها، من (٣) أشباهِ ذلك من الأخبارِ (٤). فإذا كانت الأخبارُ بذلك مُتَظَاهرةً عن رسولِ الله ، فما الذي خُصَّ به القتيلُ في سبيلِ اللهِ مما لمْ يُعمَّ به سائرُ البشرِ غيرُه من الحياةِ، وسائرُ الكفارِ والمؤمنين غيرُه أحياءٌ في البَرْزَخِ، أما الكفارُ فمعذَّبونَ فيه بالمَعِيشَةِ الضَّنْكِ، وأما المؤمنون فمُنَعَّمون بالرَّوْحِ والرَّيْحانِ ونَسِيمِ الجِنَانِ؟

قيل: إنّ الذي خَصَّ اللهُ به الشهداءَ في ذلك وأفادَ المؤمنين بخبرِه عنهم جلَّ ثناؤُه، إعلامُه إيَّاهم أنَّهم مَرزُوقون مِن مآكلِ الجَنَّةِ ومطاعِمِها في بَرْزَخِهم قَبلَ بَعْثِهم، ومُنعَّمُون بالذي يُنَعَّمُ به داخلُوها بعدَ البعثِ من سائرِ البشرِ مِن لَذيذِ مطاعمِها؛ [التي لم يُعْطِها] (٥) اللهُ أحدًا غيرَهم في بَرْزَخِه قبلَ مَبْعَثِه (٦)، فذلك هو


= المصنف وابن أبي شيبة في المصنف. وعثمان بن غياث، كان يحيى بن سعيد يضعف حديثه عن عكرمة في التفسير.
(١) في م، ت ١، ت ٢: "يشمون".
(٢) في م: "أنهم".
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "مع".
(٤) ينظر مسند الطيالسي (٧٨٩).
(٥) في م، ت ٣: "الذي لم يطعمها"، وفي ت ١، ت ٢: "التي لم يعطها".
(٦) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بعثه".