للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفضيلةُ التي فضَّلهَم بها وخصَّهم بها مِن غيرِهم، والفائدةُ التي أفاد المؤمنين بالخبرِ عنهم، فقال جلَّ وعزَّ لنبيِّه محمدٍ : ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [آل عمران: ١٦٩، ١٧٠].

وبمثلِ ذلك جاء الخبرُ عن رسولِ اللهِ .

حدثنا أبو كُريبٍ، قال: ثنا عبدُ الرحيمِ بنُ سليمانَ وعَبْدَةُ بنُ سليمانَ، عن محمدِ بنِ إسحاقَ، عن الحارثِ بنِ فُضيلٍ، عن محمودِ بنِ لَبِيدٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: قال رسولُ اللهِ : "الشُّهَداءُ على بارقٍ (١)؛ نهرٍ ببابِ الجنَّةِ، في قُبَّةٍ خَضْراءَ - وقال عَبْدَةُ: في رَوْضَةٍ خَضْراءَ - يَخْرُجُ عليهمْ رِزْقُهُمْ مِنَ الجنَّةِ بُكرَةً وَعَشِيًّا" (٢).

حدثنا أبو كُريبٍ، قال: ثنا جابرُ بنُ نوحٍ، عن الإفْريقيِّ، عن ابنِ يسارٍ (٣) السُّلَمِيِّ، أو أبي يسارٍ (٣) - الطبريُّ يشكُّ - قال: أرواحُ الشهداءِ في قِبابٍ بِيضٍ مِن قِبابِ الجَنَّةِ، في كلِّ قُبةٍ زوجتانِ، رِزْقُهمْ في كلِّ يومٍ طلَعتْ فيه الشمسُ ثَوْرٌ وحُوتٌ؛ فأمّا الثورُ ففيه طَعْمُ كلِّ ثَمَرةٍ في الجَنَّةِ، وأما الحوتُ ففيهِ طَعْمُ كلِّ شرابٍ في الجَنَّةِ (٤).

فإن قال قائلٌ: فإن الخبرَ عمَّا ذكرتَ أن اللهَ أفاد المؤمنين بخبرِه عن الشهداءِ من النِّعمةِ التي خصَّهم بها في البرْزَخِ، غيرُ موجودٍ في قولِه: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ﴾ وإنما فيه الخبرُ عن حالِهم؛ أمواتٌ هُمْ أمْ أحياءٌ.


(١) بعده في ص، ت ٢، ت ٣: "على".
(٢) سيأتي تخريجه في ٦/ ٢٣٠.
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "يشار".
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٩٦ إلى المصنف.