للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليسوا من مشركي العربِ؟ فقال عليُّ بنُ أبى طالبٍ : قد كانوا أهلَ كتابٍ، وقد كانت الخمْرُ أُحِلَّت لهم، فشَرِبها ملكٌ من ملوكِهم حتى ثَمِل منها، فتناوَل أختَه فوقَع عليها، فلما ذهَب عنه السُّكْرُ قال لها: ويحكِ! ما المخرَجُ مما ابتُليتُ به؟ فقالت: اخطُبِ الناسَ، فقلْ: يأيُّها الناسُ، إِنَّ الله قد أحَلَّ نِكَاحَ الأخواتِ. فقام خطيبًا، فقال: يأيُّها الناسُ، إِنَّ الله قد أَحَلَّ نِكَاحَ الأخواتِ. فقال الناسُ: إنا (١) نبرأُ إلى اللهِ مِن هذا القولِ، ما أتانا به نبيٌّ، ولا وجَدْناه في كتابِ اللهِ. فرجَع إليها نادمًا، فقال لها: ويحكِ! إنَّ الناس قد أبَوا عليَّ أنْ يُقِرُّوا بذلك. فقالت: ابسُط عليهم السِّياطَ. ففعَل، فبسَط عليهم (٢) السِّياط، فأبَوا أن يُقِرُّوا له (٣)، فرجَع إليها نادمًا، فقال: إنهم قد (٤) أبَوا أن يُقِرُّوا. فقالت: اخطُبْهم، فإِنْ أَبَوا فجَرِّدُ فيهم السيفَ. ففعَل، فأبَى عليه الناسُ، فقال لها: قد أبَى عليَّ الناسُ. فقالت: خُدَّ لهم الأُخْدُودَ، ثم اعرِضْ عليها أهلَ مملكتِك، فمن أقَرَّ، وإلا فاقذِفْه في النارِ. ففعَل، ثم عرَض عليها أهلَ مملكتِه، فمن لم يُقرَّ منهم قذَفه في النارِ، فأَنزَلَ اللهُ فيهم: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ (٤) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ﴾. إلى ﴿إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾. ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾: حرَّقوهم، ﴿ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ﴾. فلم يزالوا منذُ ذلك يستحلُّون نكاحَ الأخواتِ والبناتِ والأمهاتِ (٥).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ


(١) سقط من: ص، ت ١.
(٢) في ت ١: "فيهم".
(٣) سقط من: م.
(٤) سقط من: م، ت ١.
(٥) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٣٣ إلى عبد بن حميد. وينظر روح المعانى ٣٠/ ١٥٩.