السُّديِّ: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾. يقولُ: ليس عليه إثمٌ ولكنْ له أجرٌ.
وبمثلِ الذي قلْنا في ذلك تظاهرتِ الروايةُ عن السَّلفِ من الصحابةِ والتابعين.
ذِكرُ الأخبارِ التي رُويتْ بذلك
حدثني محمدُ بنُ عبدِ الملكِ بنِ أبي الشواربِ: قال: ثنا يزيدُ بنُ زُريعٍ، قال: ثنا داودُ، عن الشَّعبيِّ، أن وَثَنًا كان في الجاهليةِ على الصَّفَا يُسمَّى إسَافًا، ووَثَنًا على المَرْوةِ يُسمَّى نائلةَ، فكان أهلُ الجاهليةِ إذا طافوا بالبيتِ مسَحُوا الوثَنَيْن؛ فلمَّا جاء الإسلامُ وكُسرت الأوثانُ، قال المسلمون: إن الصّفا والمروةَ إنما كان يُطافُ بهما من أجلِ الوثَنينْ، وليس الطوافُ بهما مِن الشعائرِ. قال: فأنزَل اللهُ أنهما من الشعائرِ: ﴿فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ (١).
حدثني يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، قال: ثنا ابنُ عُليَّةَ، عن داودَ بنِ أبي هندٍ، عن الشَّعبيِّ، نحوَه، وزادَ فيه، قال: فجعَله اللهُ تَطوُّعَ خيرٍ.
حدثنا ابنُ المُثَنَّى، قال: ثنا عبدُ الوهابِ، قال: ثنا داودُ، عن عامرٍ، قال: كان صَنمٌ بالصَّفا يُدعى إسافًا، ووَثَنٌ بالمروةِ يُدعَى نائلةَ. ثم ذكَر نحوَ حديثِ ابنِ أبي الشواربِ، وزادَ فيه، قال: فذُكِّرَ الصَّفا من أجل الوثَنِ الذي كان عليه مذكَّرًا، وأُنِّث المروةُ من أجلِ الوثنِ الذي كان عليه مؤنَّثًا.
حدثني يعقوبُ، قال: ثنا ابن أبي زائدَةَ، قال: أخبَرني عاصمٌ الأحولُ، قال:
(١) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٢٣٤ - تفسير) من طريق داود بن أبي هند به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٦٠ إلى عبد بن حميد وابن المنذر، وعزاه الحافظ في الفتح ٣/ ٥٠٠ إلى الفاكهي وإسماعيل القاضي في الأحكام بإسناد صحيح عن الشعبي.