للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سألوا رسولَ اللهِ عن ذلك؛ أنزَل اللهُ تعالى ذكرُه: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾. قالت عائشةُ: ثم قدْ سنَّ رسولُ اللهِ الطوافَ بينَهما، فليس لأحدٍ أن يترُكَ الطوافَ بينَهما (١).

حدثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرنا عبدُ الرزَّاقِ، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، عن عُروةَ، عن عائشةَ، قالت: كان رجالٌ مِن الأنصارِ مِمَّن يُهِلُّ لمنَاةَ في الجاهليةِ، ومَناةُ صَنمٌ بينَ مكةَ والمدينةِ، قالوا: يا نبيَّ الله، إنّا كنا لا نطوفُ بينَ الصفَا والمروةِ تعظيمًا لمناةَ، فهلْ علينا مِن حَرَجٍ أن نطوفَ بهما؟ فأنزَل اللهُ تعالَى ذِكرُه: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البقرة: ١٥٨] قال عروةُ: فقلت لعائشةَ: ما أبالِي أن لا أطوفَ بينَ الصفَا والمروةِ، قال اللهُ: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ﴾ قالت: يا ابنَ أختِي، ألَا ترى أنه يقولُ: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ﴾. قال الزهريُّ: فذكرتُ ذلك لأبي بكرِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ الحارثِ بنِ هشام، فقال: هذا العلمُ! قال أبو بكرٍ: ولقد سمِعتُ رِجالًا مِن أهلِ العلمِ يقولون: لمّا أنزَل اللهُ الطوافَ بالبيتِ، ولم يُنزِلِ الطوافَ بينَ الصفَا والمروةِ، قيل للنبيِّ : إنّا كُنا نطوفُ في الجاهليةِ بينَ الصفَا والمروةِ، وإنّ اللهَ قد ذكَر الطوافَ بالبيتِ، ولم يَذْكُرِ الطوافَ بينَ الصفَا والمروةِ، فهل علينا مِن حرَجٍ أن لا نطوفَ بهما؟ فأنزَل اللهُ تعالى ذِكرُه: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ﴾ الآيةَ كلَّها. قال أبو بكرٍ: فأسمعُ هذه الآيةَ نزلتْ في الفريقينْ كلَيْهما؛ فيمن طافَ وفيمن لمْ يَطُفْ (٢).


(١) أخرجه مسلم (١٢٧٧/ ٢٦٢)، والبيهقي ٥/ ٩٦، ٩٧ من طريق ليث به. وأخرجه أحمد ٦/ ١٤٤، ٢٢٧ (الميمنية)، والبخاري (١٦٤٣، ٤٨٦١)، ومسلم (١٢٧٧/ ٢٦١، ٢٦٣)، والترمذي (٢٩٦٥)، والنسائي (٢٩٦٧، ٢٩٦٨)، وأبن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٦٦ (١٤٣٠، ١٤٣١) من طريق الزهري به. وسيأتي من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه في ص ٧٢١، ٧٢٦.
(٢) أخرجه أحمد ٦/ ١٦٢ (الميمنية)، وابن أبي داود في المصاحف ص ١٠٠ من طريق عبد الرزاق به.