للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما ليس فيها، وسواءٌ قرَأ ذلك كذلك قارئٌ، أو قرَأ قارئٌ: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩]، (فلا جُناحَ عليهم (١) أن لا يطَّوَّفوا به) فإنْ جازتْ (٢) إحدَى الزيادتينِ اللَّتيْن ليستَا في المصاحِفِ (٣) كانت الأخْرَى نظيرتَها، وإلَّا كان مُجيزُ إحداهُما إذا منَع الأخرى مُتَحَكِّمًا، والتَّحَكُّمُ فلا يَعْجِزُ عنه أحدٌ، وقد رُوِيَ إنكارُ هذه القراءةِ وأن يكونَ التنزيلُ بها، عن عائشةَ.

حدثني يونسُ، قال: أخبرنا ابنُ وهبٍ، قال: أخبرني مالكُ بنُ أنسٍ، عن هشامِ بنِ عروةَ، عن أبيه، قال: قلت لعائشةَ زوجِ النبيِّ وأنا يومئذٍ حديثُ السِّنِّ: أرأيتِ قولَ اللهِ ﷿: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾. فما نرَى على أحدٍ شيئًا أن لا يطوَّفَ بهما؟ فقالت عائشةُ: كلَّا لو كانتْ كما تقولُ كانتْ: فلا جُناحَ عليه أن لا يطوَّفَ بهما. إنما أُنزلتْ هذه الآيةُ في الأنصارِ؛ كانوا يُهِلُّونَ لِمَناةَ وكانتْ مَناةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ، وكانوا يَتحرَّجون أن يَطُوفُوا بينَ الصفَا والمروَةِ؛ فلمَّا جاء الإسلامُ سألوا رسولَ اللهِ عن ذلك، فأنزَل اللهُ: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ (٤).

وقد يَحتمِلُ قراءةُ مَن قرَأ: (فلا جناحَ عليه أن لا يطَّوَّف) [أن يكونَ معناها: فلا جناحَ عليه أن يطَّوَّف ﴿بِهِمَا﴾] (٥) - أن تكونَ "لا" التي هي مع "أن" صِلَةً في الكلامِ (٦)،


(١) في م: "عليه".
(٢) في م: "جاءت".
(٣) في م: "المصحف".
(٤) الموطأ ١/ ٣٧٣ (١٢٩)، ومن طريقه البخاري (١٧٩٠)، وأبو داود (١٩٠١)، والنسائي في الكبرى (١١٠٠٩). وأخرجه أبو داود (١٩٠١) من طريق ابن وهب به. وسبق من طريق وكيع عن هشام في ص ٧٢١، ومن طرق عن الزهري عن عروة في ص ٧١٨، ٧١٩.
(٥) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٦) ينظر معاني القرآن للفراء ١/ ٩٥.