للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذ كان صحيحًا بإجماعِ الجميعِ مِن الأمَّةِ أن الطوافَ بهما [مما علَّم] (١) النبيُّ أمَّتَه في مناسكِهم، وعَمِلَه في حجِّه وعُمرتِه، وكان بيانُه لأمَّتِه جُمَلَ ما نصَّ اللهُ في كتابِه، وفرَضه في تَنْزِيلِه، وأمَر به مما لا (٢) يُدْرَكُ عِلْمُه إلَّا بِبَيانِه ، لازمًا العملُ به أمَّتَه، لما قد بَيَّنَّا في كتابِنا "كتابِ البيانِ عن أصولِ الأحكامِ" إذا اخْتَلَفَت الأُمةُ في وُجُوبِه، ثم كان مُخْتَلَفًا في الطوافِ بينَهما: هل هو واجِبٌ أم غيرُ واجبٍ - كان بيِّنًا وُجوبُ فَرْضِه على مَن حجَّ أو اعْتَمَر لما وصَفْنا.

وكذلك وجوبُ العوْدِ لقضاءِ الطوافِ بينَ الصفَا والمروةِ، لمَّا كان مُخْتَلَفًا فيها (٣) على مَن ترَكه، مع إجماعِ جَميعِهم، على أنَّ ذلك مما فعَله رسولُ اللهِ ، وعلَّمه أُمتَه في حجِّهم (٤)، إذْ علَّمَهُم مَناسِكَ حجِّهم، كما طافَ بالبيتِ، وعلَّمه أمتَه في حجِّهم وعُمرتِهم، إذْ علَّمهم مناسكَ حجِّهم وعمرتِهم. ثم أجمع الجميعُ على أن الطوافَ بالبيتِ لا تُجزِئُ منه فِديةٌ ولا بَدَلٌ، ولا يُجْزِئُ تاركَه إلا العوْدُ لقضائِه، كان نظيرًا له الطوافُ بالصفَا والمروةِ، لا تُجزِئُ منه فديةٌ ولا جزاءٌ، ولا يُجِزئُ تاركَه إلا العوْدُ لقضائِه، إذْ كانا كلاهُما طَوافين؛ أحدُهما بالبيتِ، والآخرُ بالصفَا والمروةِ، ومَن فرَّق بينَ حُكْميهما (٥) عُكِس عليه القولُ فيه، ثم سُئلَ البرهانَ على التفرقةِ بينَهما.

فإنِ اعْتَلَّ بقراءةِ مَن قرَأ: (فلا جُنَاحَ عليه أن لا يطَّوَّفَ بهما). قيل: ذلك قراءةُ (٦) خلافِ ما في مصاحفِ المسلمينَ، غيرُ جائزٍ لأحدٍ أن يزيدَ في مصاحفِهم


(١) في م، ت ١، ت ٢: "على تعليم". وفي ت ٣: "على عمل".
(٢) في م: "لم".
(٣) في م: "فيما".
(٤) بعده في م: "وعمرتهم".
(٥) في م: "حكمهما".
(٦) سقط من: م.