للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا غَشِيها النهارُ (١).

وكان بعضُ أهلِ العربيةِ (٢) يتأوَّلُ ذلك بمعنى: (٣) والنهارِ إذا جَلَّى الظلمةَ. ويجعلُ الهاءَ والألفَ مِن ﴿جَلَّاهَا﴾ كنايةً عن الظلمةِ، ويقولُ: إنما جاز الكنايةُ عنها، ولم يَجْرِ لها ذكرٌ قبلُ؛ لأنَّ معناها معروفٌ، كما يُعرفُ معنى قولِ القائلِ: أصبَحت باردةً، وأمسَت باردةً، وهبَّت شَمالًا. فكنَّى (٤) عن مؤنَّثاتٍ لم يَجْرِ لها ذكرٌ، إذ كان معروفًا معناهنَّ.

والصوابُ عندى في ذلك ما قال أهلُ العلمِ الذين حكَينا قولَهم؛ لأنهم أعلمُ بذلك، وإن كان للذى (٥) قاله مَن ذكَرنا قولَه من أهلَ العربيةِ وجهٌ.

وقولُه: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: والليلِ إذا يغشى الشمسَ حتى تغيبَ فتُظلِمَ الآفاقُ.

وكان قتادةُ يقولُ في ذلك ما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا﴾: إِذا غَشِيَها (٦) الليلُ (١).

وقولُه: ﴿وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا﴾. يقولُ جلَّ ثناؤه: والسماءِ ومَنْ بناها. يعنى: ومَنْ خلَقها. وبناؤُه إياها [تصييرُه إياها] (٧) للأرضِ سقفًا.


(١) تقدم تخريجه في ص ٤٣٤.
(٢) هو الفراء في معاني القرآن ٣/ ٢٦٦.
(٣) في الأصل: "المعنى".
(٤) في الأصل: "يكنى".
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الذي".
(٦) في م: "غشاها".
(٧) سقط من: الأصل.