للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن السديِّ: ﴿وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا﴾. قال (١): لا يخافُ الذي صنَع عقبى ما صنَع (٢).

واختلَفت القرَأَةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأته عامةُ قرأةِ الحجازِ والشامِ: (فلا يخافُ عُقْباها) بالفاءِ (٣)، وكذلك ذلك في مصاحفِهم (٤). وقرَأته عامةُ قرأةِ العراقِ في المِصرَين بالواوِ: ﴿وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا﴾ (٥). وكذلك هو في مصاحفِهم (٤).

والصوابُ من القولِ في ذلك أنهما قراءتان معروفتان غيرُ مختلِفتى المعنى، فبأيتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ.

واختلَفت القرأةُ في إمالةِ ما كان من ذواتِ الواوِ في هذه السورةِ وغيرِها؛ وذلك كقولِه ﴿وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا﴾، ﴿وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا﴾. ونحوِ ذلك؛ فكان يَفتحُ ذلك كلَّه عامةُ قرأةِ الكوفِة، ويُميلون ما كان من ذواتِ الياءِ، غيرَ عاصمٍ والكسائيِّ؛ فإن عاصمًا كان يفتَحُ جميعَ ذلك، ما كان منه من ذواتِ الواوِ وذواتِ الياءِ، لا يُضْحِعُ (٦) شيئًا منه. وكان الكسائيُّ يكسِرُ ذلك كلَّه (٧). وكان أبو عمرِو ينظُرُ إلى اتساقِ رءوسِ الآى، فإن كانت متسقةً على شيءٍ واحدٍ أمال جميعَها. وأما عامةُ قرأة المدينةِ، فإنهم لا يُميلون شيئًا من ذلك الإمالةَ الشديدةَ، ولا يفتَحونه الفتحَ الشديدَ، ولكن بينَ ذلك (٨).


(١) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢: "لم يخف الذي عقرها عقباها. حدثنا ابن حميد قال ثنا مهران عن سفيان عن السدى: ﴿ولا يخاف عقباها﴾ قال: الذي".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٥٧ إلى المصنف وابن أبي حاتم.
(٣) وهى قراءة نافع وأبى جعفر وابن عامر. النشر ٢/ ٣٠٠.
(٤) ينظر فضائل القرآن لأبى عبيد ص ١٩٧، ١٩٩، والمصاحف لابن أبي داود ص ٤٠، ٤٧.
(٥) وهى قراءة ابن كثير وأبى عمرو وعاصم وحمزة والكسائى ويعقوب وخلف. النشر ٢/ ٣٠٠.
(٦) في الأصل، ت ١: "يفتح"، وفى ص: "يضطجع"، وفى ت ٢، ت ٣: "تضجع". والمعنى: أنه لا يميل.
(٧) أي: يميل إمالة كبرى قريبة من الكسر.
(٨) القراء منقسمون في إمالة رءوس الآى من سورة الشمس؛ فقد قرأ حمزة والكسائى وخلف بإمالة =