للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَضْرِبُ من وادى كذا وكذا إن كان قد فُرغ من الأمرِ؟! فنكَت النبيُّ في الأرض، حتى ظنَّ القومُ أنه ودَّ أنه لم يكنْ تكلَّم بشيءٍ منه، فقال النبيُّ : "كلٌّ مُيَسَّرٌ لما خُلِق له؛ فمن يُرِدِ اللهُ به خيرًا يَسَّرَه لسبيل الخيرِ، ومَن يُرِدْ به شرًّا يَسَّرَه لسبيل الشرَّ". فَلَقِيتُ عمرو بنَ مُرَّةَ، فعرَضْتُ عليه هذا الحديث، فقال: قال النبيُّ ، وزاد (١) فيه: " ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾ ".

حدَّثني يعقوبُ بنُ إبراهيم، قال: ثنا هشيمٌ، قال: ثنا حُصينٌ، عن سعدِ بن عُبيدة، عن أبي عبدِ الرحمنِ السُّلَميِّ، قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر: ٤٩]. قال رجلٌ: يا رسول الله، ففيم العملُ؛ أفى شيءٍ نستأنفه، أو في شيءٍ قد فُرغ منه؟ قال: فقال رسولُ الله : "اعْمَلُوا فكلٌّ مُيَسَّرٌ؛ سنُيسِّرُه لليُسْرى، وسنُيسِّرُه للعُسْرَى" (٢).

حدَّثني عمرُ (٣) بن عبد الملك الطائيُّ، قال: ثنا محمدُ بن عبيدة، قال: ثنا الجرَّاحُ، عن إبراهيمَ بن عبدِ الحميد، عن الحجاج بن أرطاة، عن أبي إسحاق الهمدانيِّ، عن سليمان الأعمش، رفع الحديث إلى عليّ بن أبي طالب ، أنه قال: كان رسولُ الله ذاتَ يوم جالسًا وبيده عودٌ ينكُتُ به الأرضَ، فرفع رأسه فقال: "ما منكم من أحدٍ ولا من الناس، إلا وقد عُلم مَقْعدُه من الجنَّةِ أو النَّارِ". قلنا: يا رسول الله، أفلا نتوكَّلُ؟ قال لهم: "اعْمَلُوا فكلٌّ مُيَسَّرٌ لما خُلق له". ثم قال: "أما سَمِعتم الله في كتابه يقولُ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ


(١) في ص، ت ٢، ت ٣: "زادني".
(٢) تقدم تخريجه في ٢٢/ ١٦١، ١٦٢.
(٣) في م: "عمرو". وينظر تهذيب الكمال ٢١/ ٤٤٧.