للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والإنْسَ (١)

حدثنا المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا أبو زُهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضحاكِ في قولِه: ﴿أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾. قال: الكافرُ إذا وُضِعَ في حفرَتِه ضُربَ ضَرْبةً بمِطْرَقٍ فيَصِيحُ صَيْحةً فيَسمَعُ صَوْتَه كلُّ شيْءٍ إلَّا الثَّقَلين؛ الجنَّ والإنسَ، فلا يَسْمَعُ صَيْحَتَه شيْءٌ إلَّا لعَنه (٢).

وأوْلَى هذه الأقوالِ بالصحةِ عندنا قولُ مَن قال: اللاعنون: الملائكةُ والمؤمنون؛ لأنّ اللهَ تعالى ذِكرُه قد وصَف الكفارَ بأن اللّعنةَ التي تَحِلُّ بهم إنما هي مِن اللهِ والملائكةِ والناسِ أجمعينَ، فقال جلَّ ثناؤه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾. فكذلك اللعنةُ التي أخبَر اللهُ جلَّ ذِكرُه أنها نازلةٌ (٣) بالفريقِ الآخرِ: الذين يَكْتُمونَ ما أنزلَ اللهُ مِن البيِّناتِ والهُدى من بعدِ ما بيَّنه (٤) للناسِ، هي لعنةُ اللهِ الذين (٥) أخبرَ أن لعنتَهم حالَّةٌ بالذين كفروا وماتوا وهم كفارٌ، وهم اللاعنون؛ لأن الفريقَينْ جميعًا أهلُ كفرٍ.

وأما قولُ مَن قال: إنّ اللَّاعنِين هم الخنافِسُ والعقاربُ وما أشبَه ذلك من دَبيبِ الأرضِ وهَوامِّها. فإنه قولٌ لا تُدرَكُ حقيقَتُه إلا بخبرٍ عن اللهِ أن ذلك مِن فعلِها [وقيلِها] (٦)، تقومُ به الحجّةُ، ولا خبرَ بذلك عن نبيِّ اللهِ ، فيجوزَ أن


(١) هذا الحديث جزء من حديث البراء الطويل المشهور، وقد أخرجه الطيالسي (٧٨٩) فراجع تخريجه هناك. وسيأتي في تفسير سورة إبراهيم آية (٢٧).
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٦٢ إلى المصنف.
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "حالة".
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بيناه".
(٥) في م: "التي".
(٦) سقط من: م. وفي ت ١، ت ٢، ت ٣: "وفعلها".