للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تأويلِ: لأنَّ القوّةَ للهِ جميعًا؛ ولأنّ اللهَ شديدُ العذابِ. قال: ومَن كَسَرهما ممن قرأَ بالتاءِ، فإنه يَكْسِرُهما على الخبرِ.

وقال آخرون منهم (١): فتْحُ "أنَّ" في قراءةِ مَن قَرَأ: ﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ بالياءِ، بإعمالِ "يَرَى"، وجوابُ الكلامِ حينئذٍ متروكٌ، كما تُرِك جوابُ ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ﴾ [الرعد: ٣١]. لأنَّ معنَى الجَنَّةِ والنارِ مُكرَّرٌ معروفٌ. وقالوا: جائزٌ كسرُ "إنَّ" في قراءةِ من قرأَ بالياءِ، وإيقاعُ الرؤيةِ على "إذْ" في المعنى. وأجازوا نَصْبَ "أنَّ" على قراءةِ مَن قَرَأ ذلك بالتاءِ، بمعنى (٢) نيةِ فعلٍ آخرَ، وأن يكونَ تأويلُ الكلامِ: ولو تَرَى الذين ظلَموا إذ يَرَون العذابَ يَرَوْن (٣) أن القوةَ للهِ جميعا. وزَعَموا أنَّ كَسْرَ "إنَّ" الوجهُ، إذا قُرِئَتْ (ولو تَرَى) بالتاءِ على الاستئنافِ؛ لأنَّ قولَه: (ولو تَرى) قد وَقَع على (الذين ظَلموا).

قال أبو جعفرٍ: والصوابُ مِن القراءةِ عندَنا في ذلك: (ولو تَرَى الذين ظلَموا). بالتاءِ مِن (تَرَى)، (إذ يرون العذابَ أن القوَّةَ للهِ جميعًا وأن اللهَ شديدُ العذابِ). بمعنى: لرَأَيْت أنَّ القوَةَ للهِ جميعًا، وأنَّ اللهَ شديدُ العذابِ. فيكونُ قولُه: لَرَأَيْتَ. الثانيةُ محذوفًا مُستَغْنًى بدلالةِ قولِه: (ولو تَرَى الذينَ ظلمُوا). عن ذكرِه، وإن كان جوابًا لـ "لو"، ويكونُ الكلامُ وإن كانَ مَخرَجُه مَخْرَجَ الخطابِ لرسولِ اللهِ ، مَعْنِيًّا به غيرُه؛ لأنَّ النَّبِيَّ كان لاشكَّ عالمًا بأنَّ القوةَ للهِ جميعًا، وأنَّ اللهَ شديدُ العذابِ، ويكونُ ذلك نظيرَ قولِه: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [البقرة: ١٠٧]. وقد بَيَّنْتُه في موضعِه (٤).


(١) هو الفراء في معاني القرآن ١/ ٩٧.
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "لمعنى".
(٣) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٤) تقدم في ٢/ ٤٠٣ - ٤٠٦.