للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيْءٍ، تقولُ للرجلِ: أمَا واللهِ لو تَعْلَمُ، ولو يَعلَمُ. كما قال الشاعرُ (١):

إنْ يَكُنْ طِبُّك (٢) الدلالَ فلَوْ في … سَالِفِ الدَّهْرِ والسِّنِينَ الخَوَالي

هذا ليس له جوابٌ إلَّا في المعنى. وقال الشاعرُ (٣):

وبحَظٍّ مِمَّا نَعِيشُ ولا تَذْ … هَبْ بَكِ التُّرَّهاتُ في الأهْوالِ

فأضْمَر: عِيشي.

قال: وقال بعضُهم: (ولو تَرَىَ). وفَتَح (أنّ) على (تَرَى)، وليس ذلك؛ لأن النَّبيَّ (٤) يَعْلَمُ، ولكن أرادَ أن يَعْلَمَ ذلك الناسُ، كما قال: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ [السجدة: ٣] ليُخْبِرَ (٥) الناسَ عن جهلِهم، وكما قال: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [البقرة: ١٠٧].

قال أبو جعفرٍ: وأنْكَر قومٌ أن تكونَ "أنَّ" عاملًا فيها قولُه: ﴿وَلَوْ يَرَى﴾.

وقالوا: إنَّ الذين ظلَموا قد علِموا حينَ يَرَوْن العذابَ أنَّ القوَّةَ للهِ جميعًا، فلا وجهَ لقولِ مَن تَأَوَّل ذلك: ولو يَرَى الذين ظلمُوا أنَّ القوةَ للهِ. وقالوا: إنما عَمِل في "أنَّ" جوابُ "لو" الذي هو بمعنى العِلْمِ، لتقدُّمِ العلمِ الأولِ.

وقال بعضُ نَحْوِيِّى الكوفةِ: مَن نَصَب ﴿أَنَّ القُوَّةَ لِلَّهِ﴾، ﴿وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ﴾ ممَّن قرَأ: ﴿وَلَوْ يَرَى﴾ بالياءِ، فإنّما نَصَبها بإعمالِ الرؤيةِ فيها، وجَعَل الرؤيةَ واقعةً عليه. وأمَّا مَن نَصَبها مِمَّن قرأَ: (ولو تَرَى) بالتاء؛ فإنه نَصَبها على


(١) هو عَبيد بن الأبرص، والبيت في ديوانه ص ١٠٧.
(٢) الطِّب: الدَّأْب والعادة. اللسان (ط ب ب).
(٣) هو عَبيد أيضًا، ديوانه ص ١٠٨.
(٤) بعده في الأصل: "لم".
(٥) في الأصل: "لتخبر".