للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والآخرةِ، دونَ مَن سواه مِن الأندادِ والآلهة، وإنَّ اللهَ شديدُ العذابِ لمن أَشْرَك به، وادَّعَى معه شِرْكًا (١)، وجَعَل له نِدًّا.

وقد يَحْتَمِلُ وجهًا آخرَ في قراءةِ من كَسَر "إنَّ" [وقَرَأ] (٢) بالتاء، وهو أن يكونَ معناه: ولو تَرَى يا محمدُ الذين ظلَموا إذ يَرَوْن العذابَ، يقولون: إنَّ القوَّةَ للهِ جميعًا، وإنَّ اللهَ شديدُ العذابِ. ثم يُحْذَفُ القولُ ويُكْتَفَى منه بالمقولِ.

وقَرَأ ذلك آخرون: ﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ بالياء، ﴿إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ﴾ بفتحِ الألفِ من ﴿أَنَّ﴾ و ﴿أَنَّ﴾ (٣)، بمعنى: ولو يَرَى الذين ظلَموا عذابَ الله الذي أُعِدَّ لهم في جهنمَ، لعَلِموا حينَ يَرَوْنَه فيُعايِنونَه، أنَّ القوةَ للهِ جميعًا، وأنَّ اللهَ شديدُ العذابِ، إذ يَرَوْن العذابَ. فتكونُ ﴿أَنَّ﴾ الأُولَى منصوبةً لتَعَلُّقِها بجوابِ ﴿وَلَوْ﴾ المحذوفِ، ويكونُ الجوابُ متروكًا، وتكونُ الثانيةُ معطوفةً على الأُولى. وهذه قراءةُ عامَّةِ القَرَأةِ الكوفيين والبصريين وأهلِ مكَّةَ.

وقد زعم بعضُ نَحْويِّى أهلِ البصرة أن تأويلَ قراءةِ مَن قَرَأَ: ﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ﴾ بالياءِ في ﴿يَرَى﴾ وفَتْحِ الألفينِ في ﴿أَنَّ﴾ وَ ﴿أَنَّ﴾: ولو يَعْلَمون؛ لأنَّهم لَمْ يكونوا عَلِموا قَدْرِ ما يُعايِنون مِن العذابِ، وقد كان النبيُّ عَلِم. فإذا قال: (ولو تَرَى). فإنما يُخاطِبُ النَّبِيَّ . قال: ولو كُسِرَتْ "إنَّ" على الابتداءِ إذا قال: (ولو يَرَى). جاز؛ لأنَّ (لو يَرَى): لو يَعْلَمُ. وقد يكون "لو يعلمُ" في معنًى لا يَحتاجُ معها إلى


(١) في م، ت ١: "شريكا". والشِّرْك كالشريك. اللسان (ش ر ك).
(٢) في م: "في ترى".
(٣) وهي قراءة ابن كثير وعاصم وأبي عمرو وحمزة والكسائي. ينظر حجة القراءات ص ١٢٠.