للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: إنَّ الحسرةَ أشَدُّ الندامةِ.

فإن قال لنا قائلٌ: فكيف يَرَوْن أعمالَهم حسراتٍ عليهم، وإنما يَتَنَدَّمُ (١) المُتنَدِّمُ على تَرْكِ الخيراتِ وفَوْتِها إيَّاه، وقد عَلِمْتَ أنَّ الكفارَ لم يكنْ لهم مِن الأعمال ما يتَنَدَّمون على تركِهم الازديادَ منه، فيُريَهم اللهُ قليلَةً، بل كانت أعمالُهم كلُّها معاصيَ للهِ، ولا حسرةَ عليهم في ذلك، وإنما الحسرةُ عليهم فيما لم يَعْملوا مِن طاعةِ اللهِ؟

قِيل له: إنَّ أهلَ التأويلِ في تأويلِ ذلك مُخْتَلِفون، فنَذْكُرُ في ذلك ما قالوا، ثم نُخْبِرُ بالذي هو أوْلَى بتأويلِه إن شاء اللهُ؛ فقال بعضُهم: معنى ذلك: كذلك يُريهم اللهُ أعمالَهم التي فَرَضها عليهم في الدنيا، فضَيَّعوها ولم يَعْملوا بها، حتى اسْتَوْجَب ما كان اللهُ أعَدَّ [له - لو كان عمِل بها في حياتِه] (٢)، مِن المساكنِ والنِّعَمِ - غيرُه (٣) بطاعتِه ربَّه، فصار ما فاته (٤) مِن الثوابِ - الذي كان اللهُ أعدَّه [له عندَه، لو كان أطاعه في الدنيا، إذ عاينه] (٥) عندَ دخولِ النارِ، أو قبلَ ذلك - أسًى وندامةً وحسرةً عليه (٦).

ذِكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ:


(١) في الأصل: "يندم".
(٢) في م: "لهم لو كانوا عملوا بها في حياتهم".
(٣) في م: "غيرهم".
(٤) في م: "فاتهم".
(٥) في م: "لهم عنده، لو كانوا أطاعوه في الدنيا، إذ عاينوه".
(٦) في م: "عليهم".