للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التي كان لازمًا لهم العملُ بها في الدنيا، حسراتٍ عليهم.

وقال آخرون: كذلك يُريهم اللهُ أعمالَهم السيئةَ حسراتٍ عليهم: لم عَمِلوها؟ وهَلَّا عَمِلوا بغيرِها مما يُرْضِي اللهَ تعالى؟

ذِكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا ابنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ: ﴿كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ﴾: فصارتْ أعمالُهم الخبيثةُ حسرةً عليهم يومَ القيامةِ (١).

حدَّثني يونسُ قال: أخبرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قوله: ﴿أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ﴾ قال: أو ليسَ أعمالُهم الخبيثةُ التي أدْخَلَهم اللهُ بها النارَ حسراتٍ عليهم؟ قال: وجَعَل أعمالَ أهلِ الجَنَّةِ لهم. وقَرَأ قولَ اللهِ: ﴿بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ﴾ [الحاقة: ٢٤].

قال أبو جعفرٍ: وأوْلَى التأويليْن بالآيةِ تأويلُ مَن قال: معنى قولِه: ﴿كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ﴾: كذلك يُرِي اللهُ الكافرين أعمالَهم الخبيثةَ حسراتٍ عليهم، لم عَمِلوا بها؟ وهَلَّا عَمِلوا بغيرِها؟ فَندِموا على ما فَرَط منهم مِن أعمالِهم الرَّديئةِ إذ (٢) رَأَوْا جزاءَها مِن اللهِ وعقابَها؛ لأنَّ اللهَ أخْبر أنه يُرِيهم أعمالَهم نَدمًا عليهم. فالذي هو أوْلَى بتأويلِ الآيةِ ما دلَّ عليه الظاهرُ دونَ ما احْتَمَلَه الباطنُ الذي لا دَلالةَ على أنه المَعْنِيُّ بها. والذي قاله السُّدِّيُّ في ذلك، وإن كان مَذهبًا تَحْتَمِلُه الآيةُ، فإنه مَنْزَعٌ بعيدٌ، ولا أثرَ بأنَّ ذلك كما ذكَر تقومُ له حجةٌ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٧٩ عقب الأثر (١٤٩٩) من طريق ابن أبي جعفر به.
(٢) في م، ت ٢: "إذا".