للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما تأويلُ قولِه: ﴿اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ﴾ فإنه: اعمَلوا بما أنزَل اللهُ في كتابِه على رسولِه، فأَحِلُّوا حلالَه وحرِّمُوا حرامَه، واجعلوه لكم إمامًا تأتُّمونَ به، وقائدًا تتَّبِعون أحكامَه.

وقولُه: ﴿أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ يعني: وجَدْنا. كما قال الشاعرُ (١):

فألْفَيْتُهُ غيرَ مُسْتَعْتِبٍ (٢) … وَلا ذَاكرِ اللهَ إلَّا قلِيلا

يعني: وجدْتُه.

وكما حدثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾ أي: ما وجدْنا عليه آباءَنا (٣).

حدثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا ابنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ مثلَه (٤).

فمعنى الآيةِ: وإذا قيلَ لهؤلاءِ الكفارِ: كُلُوا مما أحَلَّ الله لكم ودَعُوا خطواتِ الشيطانِ وطريقَه، واعمَلُوا بما أنزَل اللهُ علَى نبيِّه في كتابِه، استكبَرُوا عن الإذعانِ للحقِّ، وقالوا: بل نأتمُّ بآبائِنا، فنتَّبعُ ما وجدناهُم عليه من تحليلِ ما كانوا يُحِلُّون، وتَحريمِ ما كانوا يحُرِّمون. قال اللهُ جلّ ثناؤه: ﴿أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ﴾ يعني آباءَ هؤلاءِ الكافرين الدين مضَوا على كفرِهم باللهِ العظيمِ ﴿لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا﴾


(١) هو أبو الأسود الدئلي، والبيت في الكتاب ١/ ١٦٩، والأغاني ١٢/ ٣١٠، واللسان (ع ت ب)، والخزانة ١/ ٢٨٤.
(٢) الاستعتاب: طلب العتبى، وهي الرضا. تقول: استعتبته فأعتبني. أي: استرضيته فأرضاني. التاج (ع ت ب).
(٣) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٨١ عقب الأثر (١٥١٢) معلقًا.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٨١ عقب الأثر (١٥١٢) من طريق ابن أبي جعفر به.