للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البهائمِ (١).

حدثني محمدُ بنُ عَمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ﴾: الراعِي: ﴿بِمَا لَا يَسْمَعُ﴾ البهائمُ.

حدثني موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عَمرُو بن حمّادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً﴾: لا يعقِلُ ما يقالُ له، إلا أن تُدعَى فتأتيَ، أو ينادَى بها فتذهَبَ، وأما ﴿الَّذِي يَنْعِقُ﴾ فهو الراعِي الغنمَ، كما ينعِقُ الراعِي ﴿بِمَا لَا يَسْمَعُ﴾ ما يُقالُ له، إلَّا أن يُدعَى أو يُنادَى، فكذلك محمدٌ يدعُو من لا يسمعُ إلّا حَويرَ (٢) الكلامِ، يقولُ اللهُ: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ﴾ (٣).

ومَعْنَى قائلِي هذا القولِ في تأويلِهم ما تأوَّلوُا على ما حكيتُ عنهم: ومَثَلُ وعْظِ الذين كفَروا وواعظِهم، كمثَلِ نَعْقِ الناعِقِ بغنمِه ونَعيقِه به (٤). فأُضيف المثَلُ إلى الذين كفَروا، وترَك ذكرَ الوعظِ والواعظِ، لدلالةِ الكلامِ على ذلك، كما يقالُ: إذا لقِيتَ فلانًا فعظِّمْه تعظيمَ السلطانِ. يرادُ به: كما تُعظِّمُ السلطانَ. وكما قال الشاعرُ (٥):

فَلَسْتُ مُسَلِّمًا ما دُمْتُ حيًّا … علَى زَيْدٍ بِتَسْلِيمِ الأمِيرِ

يرادُ به: كما يُسلَّمُ على الأميرِ.


(١) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٨٢ عقب الأثر (١٥١٣) معلقًا.
(٢) في م: "خرير". وعند ابن أبي حاتم: "جويز".
والحوير: الجواب. يقال: كلمته فما رجَع إليّ حوارًا وحويرًا، أي جوابا، والاسم من المحاورة الحوير، تقول: سمعت حويرهما وحوارهما. التاج (ح و ر).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٨٢ (١٥١٤) عن أبي زرعة، عن عمرو به.
(٤) في م: "بها".
(٥) تقدم في ص ١٨.