للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكثرُ من أن تُحصى، مما تُوَجِّهُه العربُ من خبرِ ما تخبِرُ عنه إلى ما صاحَبَه؛ لظهورِ معنى ذلك عند سامعِيه (١)، فتقولُ: اعرضِ الحوضَ على الناقةِ. وإنما تُعرَضُ الناقةُ على الحوضِ، وما أشبهَ ذلك من كلامِها.

وقال آخرون: معنى ذلك: ومثلُ الذين كفَروا في دعائِهم آلهتَهم وأوثانَهم التي لا تسمَعُ ولا تعقِلُ، كمثلِ الذي يَنْعِقُ بما لا يسمَعُ إلا دعاءً ونداءً، وذلك الصَّدَى الذي يُسمَعُ صوتُه، ولا يُفْهِمُ [عن الناعقِ به] (٢) شيئًا.

فتأويلُ الكلامِ على قولِ قائلِ ذلك: ومثَلُ الذين كفَروا وآلهتِهم في دعائِهم إيّاها وهي لا تفقَهُ ولَا تعقِلُ، كمَثلِ الناعقِ بما لا يَسْمَعُه الناعقُ إلا دعاءً ونداءً. أي: لا يسمعُ منه الناعقُ إلا دعاءَه [ونداءَه] (٣).

ذِكرُ من قال ذلك

حدثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً﴾ قال: الرجلُ الذي يصيحُ في جوفِ الجبالِ فيجيبُه فيها صوتٌ يراجعُه يقالُ له: الصَّدَى. فمثلُ آلهةِ هؤلاءِ لهم، كمَثلِ الذي يُجيبُه بهذا الصّوتِ ولا ينفعُه؛ لا يسمعُ إلّا دعاءً ونداءً.

قال: والعربُ تسمِّي ذلك الصَّدَى.

وقد تَحتمِلُ الآيةُ على هذا التأويلِ وجهًا آخرَ غيرَ ذلك، وهو أن يكونَ معناها: ومَثلُ الذين كفَروا في دعائِهم آلهتَهم التي لا تفقَهُ دعاءَهم، كمَثلِ الناعقِ بغنمٍ له من


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "سامعه".
(٢) في م: "به عنه الناعق".
(٣) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.