للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجمَع بين اللُّغتين في بيتٍ واحدٍ، في معنًى واحدٍ.

وقرَأها بعضُهم بالتشديدِ وحمَلوها على الأصلِ، وقالوا: إنما هو "مَيْوِت"، "فَيْعِل"، من الموتِ، ولكنَّ الياءَ الساكنةَ والواوَ المتحركةَ لماّ اجتمعتَا، والياءُ مع سكونِها متقدِّمةٌ، [قُلبتِ الواوُ ياءً و] (١) شُدِّدَتْ، فصارَتَا ياءً مشدَّدَةً، كما فعَلوا ذلك بـ "سيِّد وجيِّد". قالوا: ومَن خفَّفَها فإنما طلَب الخِفَّةَ، والقراءةُ بها على أصلِها الذي هو أصلُها أوْلَى.

والصوابُ من القولِ في ذلك عندي أن التَّشديدَ والتَّخفيفَ في ياءِ "الميتة" لغتان [وقراءتان] (٢) معروفتان في القراءةِ وفي كلامِ العربِ، فبأيِّهما قرَأ ذلكَ القارئُ فمصيبٌ، لانّه لا اختلافَ في مَعْنَيَيْهما.

وأما قولُه: ﴿وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ﴾. فإنه يعني به: وما ذُبِح للآلهةِ والأوثانِ، فسُمِّي عليه غيرُ اسمِه، أو قُصِد به غيرُه من الأصنامِ.

وإنما قيلَ: ﴿وَمَا أُهِلَّ بِهِ﴾ لأنهم كانوا إذا أرادُوا ذبْحَ ما قرَّبوه لآلهتِهم، سمَّوُا اسمَ آلهتِهم التي قرَّبوا ذلك لها، وجهَروا بذلكَ أصْواتَهم، فجرَى ذلك من أمرِهم على ذلك، حتى قيل لكلِّ ذابحِ ذبْحٍ (٣)، سَمَّى أو لم يُسمِّ، جهَر بالتسميةِ أو لم يَجهَرْ: مُهِلٌّ. فرفْعُهم أصواتَهم بذلك هو الإهلالُ الذي ذكَره اللهُ فقال: ﴿وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ﴾ ومن ذلك قيلَ للمُلَبِّي في حَجةٍ أو عمرةٍ:

مُهِلٌّ. لرَفْعِه صوتَه بالتلْبيةِ. ومنه استهلالُ الصَّبِيِّ، إذا صاحَ عند سقوطِه من بطنِ أمِّهِ، واستهلالُ المطرِ، وهو صوتُ وقوعِه على الأرضِ، كما قال عَمرُو بنُ


(١) في الأصل، ت ١، ت ٢، ت ٣: "قبل الواو".
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) ليست في: م، ت ١، ت ٢.