للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثنا بشرٌ، قال: حدثنا يزيدُ، عن سعيدٍ، عن قتادةَ قولَه: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى﴾: وكان أهل الجاهليةِ فيهم بغيٌ وطاعةٌ للشيطانِ، فكان الحيُّ إذا كان فيهم عزةٌ (١) ومنَعةٌ، فقتَل عبدُ قومٍ آخرين عبدًا لهم، قالوا: لا نقتُلُ به إلَّا حُرًّا. تَعزُّزًا، لفضلِهم على غيرِهم في أنفسِهم، وإذا قُتِلتْ لهم امرأةٌ قتَلتْها امرأةُ قومٍ آخرين، قالوا: لا نقتُلُ بها إلَّا رجلًا. فأَنْزَل اللهُ هذه الآيةَ يُخْبرُهم أن العبدَ بالعبدِ، والأنثى بالأنثى، فنهاهم عن البَغْيِ، ثم أَنْزَل اللهُ جلَّ ثناؤُه في سورةِ "المائدة" بعدَ ذلك فقال: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ (٢) [المائدة: ٤٥].

حدثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزَّاقِ، قال: أخبَرنا معمرٌ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ قال: لم يكنْ لمن قبلَنا دِيةٌ، إنما هو القتلُ أو العفوُ إلى أهلِه، فنزَلتْ هذه الآيةُ في قومٍ كانوا أكثرَ مِن غيرِهم، وكانوا إذا قُتِل من الحيِّ الكثيرِ عبدٌ قالوا: لا نقتُلُ به إلَّا حرًّا. وإذا قُتلتْ منهم امرأةٌ قالوا: لا نقتُلُ بها إلَّا رجلًا. فأَنْزَل اللهُ تعالى: ﴿الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى﴾ (٣).

حدَّثني محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: حدثنا معتمرٌ، قال: سمِعتُ داودَ، عن عامرٍ في هذه الآيةِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى﴾. قال: إنما ذلك في قتالِ عِمِّيةٍ، إذا أُصِيبَ مِن هؤلاءِ عبدٌ ومن هؤلاءِ عبدٌ


(١) في م: "عدة".
(٢) أخرجه البيهقي ٨/ ٢٦، وابن الجوزي في ناسخه ص ١٥٧ من طريق شيبان، عن قتادة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٧٣ إلى عبد بن حميد، وأبي داود في ناسخه وأبي القاسم الزجاجي في أماليه.
(٣) تفسير عبد الرزاق ١/ ٦٦.