للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثنا ابنُ حُميدٍ، قال: حدثنا جريرٌ، عن مغيرةَ، عن سماكٍ، عن الشَّعْبيِّ، قال في رجلٍ قتَل امرأتَه عمدًا، فأتَوا به عليًّا، فقال: إن شئتُم فاقتُلوه وردُّوا فضلَ ديةِ الرجلِ على ديَةِ المرأةِ (١).

وقال آخرون: بل نزَلتْ هذه الآيةُ في حالِ ما نزَلتْ والقومُ لا يقتُلون الرجلَ بالمرأةِ، ولكنهم كانوا يقتُلونَ الرجلَ بالرجلِ، والمرأةَ بالمرأةِ، حتى سوَّى اللهُ بين حكمِ جميعِهم بقولِه: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ [المائدة: ٤٥].

فجعَل جميعَهم قَوَدًا بعضَهم ببعضٍ.

ذِكرُ من قال ذلك

حدثنا المُثَنَّى، قال: حدثنا أبو صالحٍ، قال: حدثني معاويةُ بنُ صالحٍ، عن عليِّ بنِ أبي طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى﴾: وذلك أنهم كانوا لا يقتُلون الرجلَ بالمرأةِ، ولكن يقتُلون الرجلَ بالرجلِ، والمرأةَ بالمرأةِ، فأَنْزَل اللهُ سبحانه: ﴿النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾. فجعَل الأحرارَ في القِصاصِ سواءً فيما بينَهم في العمدِ، رجالُهم ونساؤُهم، في النفسِ وما دونَ النفسِ، وجعَل العبيدَ مُستوين فيما بينَهم في العمدِ، في النفسِ وما دونَ النفسِ، رجالُهم ونساؤُهم (٢).

قال أبو جعفرٍ: فإذا كان مُختَلَفًا الاختلافُ الذي وصَفتُ فيما نزَلتْ فيه (٣) هذه الآيةُ، فالواجبُ علينا استعمالُها فيما دلَّت عليه من الحكمِ بالخبرِ القاطِعِ العذرَ. وقد تَظاهرتِ الأخبارُ عن رسولِ اللهِ بالنقلِ العامِّ أن نفْسَ الرجلِ الحرِّ قوَدٌ قِصاصًا


(١) أخرجه ابن أبي شيبة ٩/ ٢٩٦، ٢٩٧ عن جرير به.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٩٤ (١٥٧٨)، والبيهقي ٨/ ٤٠ من طريق أبي صالح به. وينظر الناسخ والمنسوخ للنحاس ص ٨٣.
(٣) في الأصل: "في".