للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بنفسِ المرأةِ الحرَّةِ. فإذ كان ذلك كذلك - وإن كانت الأمَّةُ مختلفةً في التراجُعِ بفضلِ ما بينَ ديةِ الرجلِ والمرأةِ، على ما قد بيَّنا من قولِ عليٍّ وغيرِه - وكان واضحًا فسادُ قولِ من قالَ بالقِصاصِ في ذلك، والتراجعِ بفضلِ ما بينَ الدِّيتين، بإجماعِ جميعِ أهلِ الإسلامِ على أن حرامًا على الرجلِ أن يُتلِفَ من جسدِه عضوًا بعوضٍ يأخُذُه على إتلافِه - [فدعْ ما] (١) جميعَه - وعلى أن حرامًا على غيرِه إتلافُ شيْءٍ منه - مثلَ الذي حُرِّمَ من ذلك عليهِ بعوضٍ يُعطيه عليه - فالواجبُ أن تكونَ نفسُ الرجلِ الحرِّ بنفسِ المرأةِ الحرَّةِ قوَدًا.

وإذا كان ذلك كذلك، كان بَيِّنًا بذلك أنه لم يُرِدْ بقولِه: ﴿الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى﴾. ألا يُقادَ العبدُ بالحرِّ، ولا (٢) ألا تُقتلَ الأُنثى بالذَّكرِ، ولا الذَّكرُ بالأُنثى.

وإذا كان كذلك، كان بَيِّنًا - [على ما ذكَرنا] (٣) - أن الآيةَ معنيٌّ بها أحدُ المعنيين الآخرين؛ إمّا [ما قلنا] (٤) من ألا يُعَدَّى بالقِصاصِ إلى غيرِ القاتلِ والجانِي، فيُؤخذَ بالأنثى الذكرُ، وبالعبدِ الحرُّ. وإما القولُ الآخرُ، وهو أن تكونَ الَايةُ نزَلتْ في قومٍ بأعْيانِهم خاصَّةً، أُمِرَ النبيُّ أن يجعَلَ دياتِ قتلَاهم قِصاصًا. بعضُها من بعضٍ، كما قاله السُّديُّ ومَن ذكَرنا قولَه.

وقد أجْمع الجميعُ - لا خلافَ بينَهم - على أن المقُاصَّةَ في (٥) الحقوقِ غيرُ واجبةٍ، وأَجْمعوا على أنَّ اللهَ ﷿ لمْ يقضِ في ذلك قضاءً ثم نسَخه. وإذا كان


(١) في م: "فدع"، وفي ت ١: "فدفعنا".
(٢) سقط من: م.
(٣) سقط من: م، ت ١، ت ٢.
(٤) في م: "قولنا".
(٥) سقط من الأصل.