للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في اللوحِ المحفوظِ، فقال جلَّ ذكرُه في القرآنِ: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ﴾ [البروج: ٢١، ٢٢]. وقال: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ﴾ [الواقعة: ٧٧، ٧٨]. [فأَخْبرَ أن القرآنَ في اللَّوحِ المحفوظِ، وفي كتابٍ مكنونٍ] (١). فقد تبينَ بذلك أن كلَّ ما فرَضَه علينا في (٢) اللوحِ المحفوظِ مكتوبٌ.

فمعنى قولِه - إذ كان ذلك كذلك -: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ﴾: كُتب عليكم في اللوحِ المحفوظِ القِصاصُ في القتلَى فرضًا، ألا تقْتُلوا بالمقتولِ غيرَ قاتلِه.

وأما "القِصاصُ"، فإنه من قولِ القائلِ: قاصصْتُ فلانًا حَقِّي قِبَلَه من حقِّه قِبَلي، [وقاصَّني] (١) قِصاصًا ومُقاصَّةً. فقَتلُ القاتِلِ بالذي قتَله قِصاصٌ به (٣)؛ لأنه مفعولٌ به مثلُ الذي فعَل مِن (٤) قتلِه، وإن كان أحدُ الفعلين عُدوانًا والآخرُ حقًّا، فهما وإن اخْتَلفا من هذا الوجهِ، فهما متَّفِقانِ في أن كلَّ واحدٍ قد فعَل بصاحبِه مثلَ الذي فعَل صاحبُه به. وجعَل فعْلَ وليِّ القتيلِ الأولِ إذا قتَل قاتلَ ولِيِّه قِصاصًا، إذ كان بسببِ قتيله (٥) استحقَّ قتلَ مَن قتَلَه، فكأنَّ وليَّه المقتولَ هو الذي وَلِي قتلَ قاتلِه، فاقتصَّ منه.

وأمَّا "القتلَى" فإنها جمعُ قتيلٍ، كما الصرعَى جمعُ صَريعٍ، والجرحَى جمعُ جريحٍ. وإنما يُجمعُ الفَعِيلُ على الفَعْلَى ما (٦) كان صفةً للموصوفِ به، بمعنى الزَّمانةِ والضررِ الذي لا يقدِرُ معه صاحبُه على البَراحِ من موضِعِه ومصرَعِه، نحوُ: القتلى في


(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ففي".
(٣) سقط من: م.
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بمن".
(٥) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "قتله".
(٦) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "إذا".