للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طعامُه؟ قال: لا أدرى، غيرَ أنه قال: طعامُ يومٍ (١).

حدَّثنى المثنى، قال: حدثنا سويدٌ، قال: أخبَرنا ابنُ المباركِ، عن الحسنِ بنِ يحيى، عن الضحاكِ في قولِه: ﴿فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ قال: الشيخُ الكبيرُ الذى لا يُطِيقُ الصومَ يُفطِرُ ويُطعِمُ عن (٢) كلِّ يومٍ مسكينًا.

قال أبو جعفرٍ: وأوْلَى هذه الأقوالِ بتأويلِ الآيةِ قولُ مَن قال: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ منسوخٌ بقولِ اللهِ تعالى ذكرُه: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾؛ لأن الهاءَ التى في قولِه: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ من ذكرِ "الصيامِ". ومعناه: وعلى الذين يُطِيقونَ الصيامَ فديةٌ طعامُ مسكينٍ. فإذا كان ذلك كذلك، وكان الجميعُ من أهلِ الإسلامِ مُجْمعينَ على أن مَن كان مُطِيقًا من الرجالِ الأصحَّاءِ المقيمينَ غيرِ المسافرينَ صومَ شهرِ رمضانَ، فغيرُ جائزٍ له الإفطارُ فيه والافتداءُ منه بطعامِ مسكينٍ، كان معلومًا أن الآيةَ منسوخةٌ، هذا مع ما يُؤيدُ هذا القولَ من الأخبارِ التى ذكرناها آنفًا عن معاذِ بنِ جبلٍ وابنِ عمرَ وسلَمةَ بنِ الأكوعِ، من أنهم كانوا بعدَ نزولِ هذه الآيةِ على عهدِ رسولِ اللهِ ﷺ فى صومِ شهرِ رمضانَ بالخيارِ بينَ صومِه وسقوطِ الفديةِ عنهم، وبينَ الإفطارِ والافتداءِ من إفطارِه بإطعامِ مسكينٍ لكلِّ يومٍ أفطَره، وأنهم كانوا يفعلون ذلك حتى نزَلت: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ فأُلْزِموا فرضَ صومِه، وبطَل الخيارُ والفديةُ.

فإن قال قائلٌ: وكيفَ تدَّعى إجماعًا من أهلِ الإسلامِ على أنَّ من أطاقَ صومَه وهو بالصِّفةِ التى وصَفْتَ فغيرُ جائزٍ له إلَّا صومُه، وقد علمتَ قولَ مَن قال: للحاملِ


(١) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٧٥٧١) عن معمر، عن ابن طاوس به.
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.