للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكةَ، فكانوا (١) يصومون رمضانَ وغيرَه في السفرِ (٢).

حدَّثنى علىُّ بنُ الحسنِ الأزْدِىُّ، قال: ثنا مُعَافَى بنُ عِمرانَ، عن سفيانَ، عن حمَّادٍ، عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، قال: الفطرُ في السفرِ رُخصةٌ، والصومُ أفضلُ (٣).

حدَّثنى محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ سعيدٍ الواسطىُّ، قال: ثنا يعقوبُ الزُّهْرِىُّ، قال: ثنا صالحُ بنُ محمدِ بنِ صالحٍ، عن أبيه، قال: قلتُ للقاسمِ بنِ محمدٍ: إنا نُسافِرُ في الشتاءِ في رمضانَ، فإن صمتُ فيه كان أهْوَنَ علىَّ مِن أن أقْضِيَه في الحَرِّ؟ فقال: قال اللهُ: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ ما كان أيسرَ عليك فافعلْ (٤).

قال أبو جعفرٍ: وهذا القولُ أوْلَى عندنا بالصوابِ؛ لإجماعِ الجميعِ على أن مريضًا لو صام شهرَ رمضانَ -وهو مِمَّن له الإفطارُ لمرضِه- أن صومَه ذلك مُجْزِئٌ عنه، ولا قضاءَ عليه إذا برَأ مِن مرضِه بعدَّةٍ مِن أيامٍ أُخَرَ، فكان معلومًا بذلك أن حُكْمَ المسافرِ حكمُه في ألا قضاءَ عليه إن صامه في سفرِه؛ لأن الذى جُعِل للمسافرِ مِن الإفطارِ وأُمِر به مِن قضاءِ عِدَّةٍ مِن أيامٍ (٥) أُخَرَ، مثلُ الذى، جُعِلَ مِن ذلك للمريضِ وأُمِر به مِن القضاءِ. ثم في دلالةِ الآيةِ كفايةٌ مُغْنِيةٌ عن استشهادِ شاهدٍ على صحةِ ذلك بغيرِها، وذلك قولُ اللهِ جلّ ثناؤه: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "وكانوا".
(٢) أخرجه المصنف في تهذيب الآثار (مسند ابن عباس) ص ١٤٧، وأخرجه ابن أبى شيبة ٣/ ١٦، ١٧ من طريق محمد بن جعفر به، وفيه: عن أبى الشعثاء. وهو خطأ، والصواب: عن ابن أبى الشعثاء. وهو الأشعث ابن سليم.
(٣) أخرجه المصنف في تهذيب الآثار (مسند ابن عباس) ص ١٣١.
(٤) أخرجه المصنف في تهذيب الآثار (مسند ابن عباس) ص ١٣٢.
(٥) بعده في م: "من".