للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعُسْرَ﴾. فلا (١) عُسْرَ أعظمُ مِن أن يُلْزَمَ مَن صامَه في سفرِه عِدَّةً مِن أيامٍ أُخَرَ، وقد تكلَّفَ أداءَ فرْضِه في أثقلِ الحالينِ عليه حتى قضاه وأدَّاه.

فإن ظنَّ ذو غَبَاوةٍ أن الذى صامه لَمْ يكن فَرْضَه الواجبَ، فإنَّ في قولِ اللهِ جلَّ ثناؤُه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾، ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ ما يُنْبِئُ عن (٢) أن المكتوبَ صومُه مِن الشهورِ على كلِّ مؤمنٍ هو شهرُ رمضانَ، مسافرًا كان أو مقيمًا؛ لعمومِ اللهِ جلّ وعزّ المؤمنين بذلك بقولِه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ﴾ وأن قولِه: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر﴾ معناه: ومَن كَان مريضًا أو على سفرٍ فأفطرَ برُخصةِ اللهِ، فعليه صومُ عِدَّةٍ من أيامٍ أُخَرَ مكانَ الأيامِ التى أفطرَ في سفرِه أو مرضِه. ثم في (٣) تظاهُرِ الأخبارِ عن رسولِ اللهِ بقولِه -إذ (٤) سُئِل عن الصومِ في السفرِ-: "إنْ شِئْتَ فَصُمْ، وإنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ" الكفايةُ الكافيةُ عن الاستدلالِ على صحَّةِ ما قُلْنا في ذلك بغيرِه.

حَدَّثَنَا هنَّادٌ، قال: ثنا عبدُ الرحيمِ ووكيعٌ وعَبْدَةُ، عن (٥) هشامِ بنِ عروةَ، عن أبيه، عن عائشةَ، أن حمزةَ سأل رسولَ اللهِ عن الصومِ في السفرِ، وكان يَسْرُدُ الصومَ، فقال رسولُ اللهِ : "إن شِئْتَ فَصُمْ، وإن شِئْت فأفْطِرْ" (٦).


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ولا".
(٢) سقط من: م.
(٣) سقط من: الأصل.
(٤) في م: "إذا".
(٥) في م: "بن".
(٦) أخرجه مسلم (١١٢١/ ١٠٦) من طريق عبد الرحيم، وأخرجه أحمد ٦/ ٢٠٧ (الميمنية) عن وكيع، وأخرجه الترمذى (٧١١)، والنسائى (٢٣٠٧) من طريق عبدة، ثلاثتهم عن هشام به، وأخرجه البخاري =