للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَمُنِعَ (١) الإجابَةَ؛ لأَنَّ اللهَ يَقُولُ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ (٢) [غافر: ٦٠].

ومعنى مُتأوِّلى هذا التأويلِ: وإذا سألك [يا محمدُ] (٣) عبادى عنِّى؛ أىُّ ساعةٍ يدعوننى، فإنى منهم قريبٌ فى كلِّ وقتٍ أُجِيبُ دعوةَ الداعِى إذا دعانِى.

وقال آخَرون: بل نزَلت جوابًا لقولِ قومٍ قالوا -إذ قال اللهُ لهم: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ -: إلى أين نَدْعوه؟

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: حدثنى حجَّاجٌ، عن ابنِ جُريجٍ، قال مجاهدٌ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ قالوا: إلى أين؟ فنزلتْ: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ (٤) [البقرة: ١١٥].

وقال آخرون: بل نزَلتْ جوابًا لقومٍ قالوا: كيف ندْعو.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قال: ذُكِر لنا أنه لمَّا أنْزَل اللهُ: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ قال رجالٌ: كيفَ ندعو يا نبىَّ اللهِ؟ فأنْزَل اللهُ: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ إلى قولِه: ﴿يَرْشُدُونَ﴾ (٥).

وأمَّا قولُه: ﴿فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي﴾. فإنه يعنى به: فَلْيَسْتَجِيبوا لى بالطاعةِ. يقالُ منه: استجبتُ له واستجبتُه. بمعنى: أجبتُه. كما قال كعبُ بنُ سعدٍ


(١) فى م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ومنع".
(٢) أخرجه البيهقى فى الشعب (٤٥٢٧) من طريق الليث به مطولا.
(٣) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٤) تقدم فى ٢/ ٤٥٧.
(٥) عزاه السيوطي فى الدر المنثور ١/ ١٩٤ إلى المصنف.