للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾. قال: المباشرةُ الجماعُ وغيرُ الجماعِ، كلُّه محرَّمٌ عليه. قال: المباشرةُ بغيرِ جماعٍ: إلصاقُ الجلدِ بالجلدِ.

وعلةُ من قال بهذا القولِ أن اللهَ تعالى ذِكرُه عمَّ بالنَّهي عن المباشرةِ ولم يَخْصُصْ منها شيئًا دون شيءٍ، فذلك على ما عمَّه حتى تأتيَ حجةٌ يجِبُ التسليمُ لها بأنه عنَى به مباشرةً دون مباشرةٍ.

وأوْلَى التأويلين (١) عندي بالصواب قولُ من قال: معنى ذلك الجماعُ أو ما قام مَقامَ الجماعِ، مما أوجب غُسلًا إيجابُه؛ وذلك أنه لا قولَ في ذلك إلَّا أحدُ قولين؛ إمّا مِن جعلِ حُكْمِ الآيةِ عامًّا، أو جعلِ حُكْمِها في خاصٍّ من معاني المباشرةِ. وقد تظاهرتِ الأخبارُ عن رسولِ اللهِ أن نساءَه كُنَّ يُرَجِّلْنَه وهو معتكفٌ، فلمّا صحَّ ذلك عنه ، عُلِم أن الذي عُنِيَ به من معاني المباشرةِ البعضُ دونَ الجميعِ.

حَدَّثَنِي عليُّ بنُ شعيبٍ، قال: ثنا مَعْنُ بنُ عيسى القَزّازُ، قال: أخبَرنا مالكٌ، عن الزهريِّ، عن عروةَ، عن عَمْرَةَ، عن عائشةَ أنَّ رسولَ اللهِ كان إذا اعتكَف يُدْنِي إليَّ رأسَه فأُرَجِّلُه (٢).

حَدَّثَنِي يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: أخبرَني يونسُ، عن ابنِ شهابٍ، عن عروةَ بنِ الزُّبيرِ وعَمْرةَ، أن عائشةَ قالت: إن رسولَ اللهِ لم يكنْ يَدخُلُ البيتَ إلَّا لحاجةِ الإنسانِ، وكان يُدْخِلُ عليَّ رأسَه وهو في المسجدِ


(١) في م: "القولين".
(٢) الموطأ ١/ ٣١٢، ومن طريقه أحمد ٦/ ١٠٤ (الميمنية)، ومسلم (٢٩٧/ ٦)، وأبو داود (٢٤٦٧)، وغيرهم. والصواب: عروة وعمرة، كما في الحديث الذي بعده. ينظر الأحاديث التي خولف فيها مالك للدارقطني (٢)، ومسند الطيالسي (١٥٤٦).