للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾؛ فقال بعضُهم بما حدَّثني به المُثَنَّى، قال: ثنا عبدُ اللهِ ابنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾: فهذا ونحوُه نزَل بمكةَ والمسلمونَ يومَئذٍ قليلٌ، ليسَ لهم سلطانٌ يَقهَرُ المشركينَ، وكان المشركونَ يَتعاطَوْنهم بالشَّتْمِ والأذَى، فأمرَ اللهُ المسلمين مَن يُجازِي منهم أن يُجازِيَ بمثلِ ما أُتِي إليه أو يصبِرَ، أو يَعفُوَ فهو أمثلُ، فلمَّا هاجَر رسولُ اللهِ إلى المدينةِ، وأعزَّ اللهُ سلطانَه، أمَر المسلمين أن يَنتهُوا في مظالِمهم إلى سُلطانِهم، وألا يعدوَ بعضُهم على بعضٍ كأهلِ الجاهليةِ (١).

وقال آخرون: بل معنى ذلك: فمن قاتلَكم أيُّها المؤمنون من المشركين، فقاتِلوهم كما قاتَلوكُم. وقالوا: نزَلتِ الآيةُ علَى رسولِ اللهِ بالمدينةِ وبعدَ عُمرةِ القَضِيَّةِ.

ذِكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابنِ جُريجٍ، قال: قال مجاهدٌ: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾: فقاتِلوهم فيه كما قاتَلوكم (٢).

وأشبهُ التأويليِن بما دلَّ عليه ظاهرُ الآيةِ القولُ الذي حُكِي عن مجاهدٍ؛ لأنّ الآياتِ قبلَها إنما هي أمرٌ من اللهِ للمؤمنِين بجهادِ عدوِّهم علَى صفةٍ، وذلك قولُه:


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٣٢٩ (١٧٤٠)، والبيهقي ٨/ ٦١ من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٠٧ إلى أبي داود في ناسخه وابن المنذر.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٠٧ إلى المصنف.