للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني أيوبُ، عن ابنِ سِيرينَ، عن عَبيدةَ أنه قال: هي في الرجلِ يصيبُ الذنبَ العظيمَ، فيُلْقِي بيَدِه ويَرَى أنَّه قد هلَك (١).

وقال آخرون: بل معنى ذلك: وأنْفِقُوا في سبيلِ اللهِ ولا تَتْرُكوا الجهادَ في سبيلِه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرَنا ابنُ وَهبٍ، قال: أخبَرَني حَيْوَةُ، عن يزيدَ بنِ أبي حَبيبٍ، عن أسلمَ أبي عِمرانَ، قال: غزَوْنا المدينةَ، يُرِيدُ القُسْطَنْطينيَّةَ، وعلى أهلِ مصرَ عُقْبةُ بنُ عامرٍ، وعلى الجماعةِ عبدُ الرحمنِ بنُ خالدِ بنِ الوليدِ. قال: فصفَفْنا صَفَّين، لم أرَ صفَّين قَطُّ أعرَضَ ولا أطوَلَ منهما، والرومُ مُلصِقون ظُهورَهم بحائطِ المدينةِ. قال: فحمَل رجلٌ منا على العدوِّ، فقال الناسُ: مَهْ! لا إلهَ إلا اللهُ، يُلْقِي بيدِه إلى التَّهْلُكَةِ. فقال أبو أيوبَ الأنصاريُّ: إنما تَأوَّلون هذه الآيةَ هكذا أنْ حمَل رجلٌ (٢) يُقاتِلُ يَلْتَمِسُ الشهادةَ أو يُبْلِي مِن نفسِه، إنما نزَلت هذه الآيةُ فينا معشرَ الأنصارِ، إنا لماّ نصَر اللهُ نبيَّه، وأظهرَ الإسلامَ، قلنا بينَنا معشرَ الأنصارِ خَفِيًّا مِن رسولِ اللهِ : إنّا قد كنّا ترَكنا أهلَنا وأموالَنا أنْ نُقيمَ فيها ونُصْلِحَها حتى نصَر اللهُ نبيَّه، هَلُمَّ نقيمُ في أموالِنا ونُصْلِحُها. فأنزَل اللهُ الخبرَ مِن السماءِ: ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ الآية. والإلقاءُ بالأيدي إلى التَّهْلُكَةِ أن نُقيمَ في أموالِنا ونُصْلِحَها، ونَدَعَ الجهادَ. قال أبو عِمرانَ: فلم يَزَلْ أبو أيوبَ يُجاهدُ في سبيلِ اللهِ حتى دُفِن بالقُسْطَنْطِينِيَّةِ (٣).


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ٧٤.
(٢) بعده في الأصل: "على رجل".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٣٣٠ من طريق يونس، عن ابن وهب، عن حيوة وابن لهيعة به. =