للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إمامُ تَطوُّعِه (١)؟ ثم يُسْأَلُ عن الاعتكافِ أواجبٌ هو أم غيرُ واجبٍ؟ فإن قال: واجبٌ. خرَج مِن قولِ جميعِ الأمةِ. وإن قال: تَطَوُّعٌ. قيل: فما الذي أوجَب أن يكونَ الاعتِكافُ تَطَوُّعًا والعُمرةُ فرضًا مِن الوجهِ الذي يَجِبُ التسليمُ له؟ فلن يَقُولَ في أحدِهما قَولًا (٢) إلا أُلزِم في الآخَرِ مِثلَه.

[وبما اسْتَشْهَدْنا مِن الأدلَّةِ، فإنَّ] (٣) أولى القراءَتين بالصوابِ في "العُمرةِ" قراءةُ مَن قرَأها نصبًا. وأن أولى التأويلين في قولِه: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾. تأويلُ ابنِ عباسٍ الذي ذكَرناه عنه مِن روايةِ عليِّ بنِ أبي طلحةَ عنه، مِن أنه أمْرٌ مِن اللَّهِ جلّ ثناؤُه بإتمامِ أعمالِهما بعدَ الدخولِ فيهما وإيجابِهما، على ما أَمَر به مِن حدودِهما وسُنَنِهما. وأنَّ أولى القولين في العُمرةِ بالصوابِ قولُ مِن قال: هي تَطَوُّعٌ لا فرضٌ. وأنَّ معنى الآيةِ: وأتمُّوا أيُّها المؤمنون الحجَّ والعمرةَ للَّهِ بعدَ دخولِكم فيهما وإيجابِكموهما على أنفسِكم على ما أمَركم اللَّهُ به مِن حدودِهما.

وإنما أنزَل اللَّهُ هذه الآيةَ على نبيِّه في عمرةِ الحُدَيْبِيَةِ التي صُدَّ فيها عن البيتِ، [مُعَرِّفَه والمؤمنين] (٤) فيها ما عليهم في إحرامِهم إن خُلِّيَ بينَهم وبينَ البيتِ، ومبيِّنًا لهم فيها ما المَخرجُ لهم مِن إحرامِهم إن أُحْصِروا (٥) فصُدُّوا عن البيتِ، وبذكرِ اللازمِ لهم مِن الأعمالِ في عُمْرَتِهم التي اعْتَمَرُوها عامَ الحُديبيةِ وما يَلْزَمُهم فيها بعدَ ذلك في عُمَرِهم وحجِّهم افتَتَح قولَه: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾.


(١) في م، ت ١: "متطوعه"
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "شيئًا".
(٣) في الأصل: "وإنما استشهدنا من الأدلة بأن".
(٤) في م: "معرفة المؤمنين"، وفي ت ١، ت ٢، ت ٣: "والمؤمنون".
(٥) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أحرموا".