للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما أشبَهَ ذلك مِن الأخبارِ. فإنَّ هذه أخبارٌ لا يَثْبُتُ بمثلِها في الدينِ حُجَّةٌ لوَهْيِ أسانيدِها، وأنها مع وَهْيِ أسانيدِها لها مِن (١) الأخبارِ أشكالٌ تُنْبئُ عن أنَّ العُمرةَ تَطَوُّعٌ، لا فرضٌ واجبٌ.

وهو ما حدَّثنا به محمدُ بنُ حُمَيدٍ ومحمدُ بن عيسى الدَّامَغانيُّ، قالا: ثنا عبدُ اللَّهِ بنُ المُبَارَكِ، عن الحَجَّاجِ بنِ أرْطاةَ، عن محمدِ بنِ المُنْكَدِرِ، عن جابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ، عن النَّبِيِّ أنه سُئِل عن العُمرةِ أواجبةٌ هي؟، فقال: "لا، وأن تَعْتَمِروا خيرٌ لكم" (٢).

حدَّثنا ابنُ حَمْيدٍ، قال: ثنا جَريرٌ، وحدَّثني يحيى بنُ طَلْحَةَ اليربوعِيُّ، قال: ثنا شَرِيكٌ، عن مُعاويةَ بنِ إسحاقَ، عن أبي صالحٍ الحنفيِّ، قال: قال رسولُ اللَّهِ : "الحَجُّ جهادٌ، والعُمرةُ تَطَوُّعٌ" (٣).

وقد زعَم بعضُ أهلِ الغباءِ أنه قد صَحَّ عندَه أنَّ العُمرةَ واجبةٌ؛ بأنه لم يَجِدْ تَطَوُّعًا إلا وله إمامٌ مِن المكتوبةِ، فلما صَحَّ أن [للعُمْرَةِ تَطَوُّعًا] (٤) وجَب أن يَكُونَ لها فرضٌ؛ لأن الفرضَ إمامُ التطوُّعِ في جميعِ الأعمالِ.

فيقالُ لقائلِ ذلك: قد جُعِل للاعتكافِ (٥) تطوُّعٌ، فما الفرضُ منه (٦) الذي هو


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "في".
(٢) أخرجه أحمد ٣/ ٣١٦، ٣٥٧، ٢٢/ ٢٩٠، ٢٣/ ١٣٨ (١٤٣٩٧، ١٤٨٤٥)، والترمذي (٩٣١)، وابن خزيمة (٣٠٦٨) من طريق الحجاج به نحوه.
(٣) أخرجه الشافعي في الأم ٢/ ١١٣، وفي المسند ١/ ٤٨٣ - ومن طريقه البيهقي ٤/ ٣٤٨، وفي المعرفة ٣/ ٥٠٢ - ، من طريق معاوية بن إسحاق به، وروى موصولًا من حديث طلحة بن عبيد الله وأبي هريرة، وينظر نصب الراية ٣/ ١٤٩، ١٥٠.
(٤) في م، ت: "العمرة تطوع".
(٥) في م: "الاعتكاف".
(٦) سقط من: م، ت ٣.