للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذ كان ذلك كذلك، لم يَكُنْ حَبْسُ الحابسِ الذي ليس مع حَبْسِه خوفٌ على النفسِ من حَبْسِه داخلًا في حكمِ الآيةِ بظاهرِها المتلوِّ، وإن كان قد يُلحقُ حُكْمُه عندَنا بحكمِه مِن وجهِ القياسِ مِن أجلِ أن حَبْسَ مَن لا خوفَ على النفسِ مِن حَبسِه - كالسلطانِ غيرِ المَخُوفةِ عقوبتُه، والوالدِ وزوجِ المرأةِ، وإن كان منهم أو مِن بعضِهم حبسٌ، ومَنْعٌ عن الشخوصِ لعملِ الحجِّ، أو الوُصولِ إلى البيتِ بعدَ إيجابِ الممنوعِ الإحرامَ (١) - غيرُ داخلٍ في ظاهرِ قولِه: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ﴾. لِما وصَفنا مِن أن معناه: فإن أحصَركم خوفُ عدوٍّ. بدَلالةِ قولِه: ﴿فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ﴾. وقد بَيَّنَ الخبرُ الذي ذكَرناه آنفًا عن ابنِ عباسٍ أنه قال: الحصرُ حصرُ العدوِّ.

وإذ كان ذلك أولى التأويلين بالآيةِ لِما وصَفنا، وكان ذلك منعًا مِن الوُصولِ إلى البيتِ، فكلُّ مانعٍ عرَضَ للمحرمِ فصدَّه عن الوُصولِ إلى البيتِ، فهو نظيرٌ له في الحُكمِ.

ثم اختلَف أهلُ العلمِ في تأويلِ قولِه: ﴿فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾؛ فقال بعضُهم: هو شاةٌ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا عبدُ الحميدِ بنُ بَيانٍ القَنّادُ، قال: أخبَرَنا إسحاقُ الأزرقُ، عن يونسَ بنِ أبي إسحاقَ السَّبيعيِّ، عن مجاهدٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: ما اسْتَيْسَر مِن الهَدْيِ شاةٌ (٢)


(١) سقط من: الأصل.
(٢) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٣١١ - تفسير) - ومن طريقه البيهقي ٥/ ٢٢٨ - عن هشيم، عن يونس، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: من الأزواج الثمانية. وأخرجه سعيد أيضًا (٣١٦ - تفسير) من طريق خصيف، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: شاة.