للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن ناجِيَةَ بنِ جُنْدَبٍ الأسْلَمِيِّ، قال: أتَيْتُ النبيَّ حين صُدَّ (١) الهَدْيُ، فقلت: يا رسولَ اللَّهِ، ابْعَثْ معي بالهَدْيِ فلْنَنْحَرْه في الحَرَمِ. قال: "كيف تَصْنَعُ به؟ ". قلتُ: آخُذُ به أوديةً فلا يَقْدِرون عليه. فانْطَلَقْتُ به حتى نَحَرْتُه بالحَرَمِ (٢).

قالوا: فقد بيَّن هذا الخبرُ أن النبيَّ نحَر هدَايَاه في الحرَمِ، فلا حُجَّةَ لمُحْتَجٍّ بنَحْرِه بالحُدَيْبِيةِ في غيرِ الحرَمِ.

وقال آخرون: معنى هذه الآيةِ وتأويلُها على غيرِ هذين الوَجْهَين اللذَيْن وصَفْنا، مِن قولِ الفريقين اللذَيْن ذكَرْنا اختلافَهم على ما ذكَرْنا. وقالوا: إنما معنى ذلك: فإن أُحْصِرْتم أيها المؤمنون عن حَجِّكم، فمُنِعْتُم مِن المُضِيِّ لإحرامِه؛ بعائقِ مرضٍ أو خوفِ عدوٍّ، وأداءِ اللازمِ لكم في (٣) حَجِّكم، حتى فاتَكم الوقوفُ بعرفةَ - فإن عليكم ما اسْتَيْسَر مِن الهَدْيِ لِما فاتَكم مِن حَجِّكم، مع قضاءِ الحَجِّ الذي فاتَكم.

وقال أهلُ هذه المقالةِ: ليس للمُحْصَرِ في الحجِّ بالمرَضِ والعِلَلِ غيرِه الإحلالُ إلا بالطوافِ بالبيتِ والسعْيِ بينَ الصفا والمروةِ، إن فاتَه الحجُّ. قالوا: فأما إن أطاقَ شُهودَ المشاهدِ، فإنه غيرُ مُحْصَرٍ. قالوا: وأما العُمْرةُ، فلا إحصارَ فيها؛ لأن وقتَها موجودٌ أبدًا. قالوا: والمُعْتَمِرُ لا يَحِلُّ إلا بعملِ آخرِ ما يَلْزَمُه في إحرامِه. قالوا: ولم يَدْخُلِ المُعْتَمِرُ في هذه الآيةِ، وإنما عُنِي بها الحاجُّ.


(١) بعده في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "عن".
(٢) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ٢/ ٢٤٢، وابن منده - كما في الإصابة ٦/ ٤٠٠، ٤٠١ - من طريق مخول بن إبراهيم، وأخرجه النسائي في الكبرى (٤١٣٥) من طريق إسرائيل به، وعنده: عن مجزأة عن ناجية - مباشرة دون ذكر أبيه، وقال ابن منده: تفرد به مخول بن إبراهيم عن إسرائيل عنه.
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "و".