للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مكانٍ، بل أَبْهمَ ذلك وأطلَقَه، ففي أيِّ مكانٍ نَسَكَ أو أَطْعَم أو صام فيُجْزِئُ عن المفتدِي؛ وذلك لقيامِ الحُجَّةِ على أن اللَّهَ جلَّ ثناؤُه إذ حرَّم أمهاتِ نسائِنا فلم يَحصُرْهُنَّ علَى أنهنَّ أمهاتُ النساءِ المدخولِ بهنَّ، لم يجِبْ أن يكُنَّ مَردُوداتِ الأحكامِ على الربائبِ المحصوراتِ على أن المحرَّمةَ منهن المدخولُ بأمِّها. فكذلك كلُّ مُبهَمةٍ في القرآنِ، غيرُ جائزٍ ردُّ حُكمِها على المفسَّرةِ قياسًا. ولكنَّ الواجبَ أن يُحكَمَ لكلِّ واحدةٍ منهما بما احتمَلَه ظاهرُ التنزيلِ، إلَّا أن يأتيَ في بعضِ ذلك خبرٌ عن الرسولِ بإحالةِ حكمِ ظاهرِه إلى باطنِه، فيجِبَ التسليمُ حينئذٍ لحكمِ الرسولِ ، إذ كان هو المبيِّنَ عن مرادِ (١) اللَّهِ تعالى ذكرُه.

وأجمَعوا على أنَّ الصيامَ مُجْزِئٌ عن الحالقِ رأسَه من أذًى، حيث صام من البلادِ.

واختلَفوا فيما يجِبُ أن يُفعلَ بنُسُكِ الفديةِ من الحلْقِ، وهل يجوزُ للمفتدِي الأكلُ منه أم لا؟ فقال بعضُهم: ليس للمفتدِي أن يأكُلَ منه، ولكن عليه أن يتصدَّقَ بجميعِه.

ذِكرُ من قال ذلك

حدَّثنا أبو كُريبٍ، قال: ثنا ابنُ إدريسَ، قال: سمِعتُ عبدَ الملكِ، عن عطاءٍ، قال: ثلاثةٌ لَا يؤكلُ منهنَّ؛ جزاءُ الصيدِ، وجزاءُ النُّسُكِ، ونَذْرُ المساكينِ (٢).

حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: ثنا حَكَّامٌ وهارونُ، عن عَنْبسةَ، عن سالمٍ، عن عطاءٍ، قال: لا تأكُلْ مِن فديةٍ، ولا من جزاءٍ، ولا من نَذْرٍ، وكُلْ مِن المتعةِ، ومن الهدْيِ التَّطَوُّعِ.


(١) في ت ٢: "أمر".
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة ص ١٥٣ (القسم الأول من الجزء الرابع) عن ابن إدريس به.