للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقُلتُ لها رُدِّي إليه (١) حَياتَه (٢) … فَرَدَّتْ كما رَدّ المَنِيحَ (٣) مُفِيضُ

ثم اختلَف أهلُ العربيةِ في "عرفاتٍ"، والعلةِ التي من أجلِها صُرِفت وهي مَعْرِفةٌ، وهل هي اسمٌ لبقعةٍ واحدةٍ، أم هي لجماعةِ بِقاعٍ؟ فقال بعضُ نحويِّي البصريين (٤): هي اسمٌ كان لجماعةٍ مثل مُسلماتٍ ومُؤمناتٍ، سُمِّيَت به بُقعةٌ واحدةٌ، فَصُرِفت لمَّا سُمِّيَت به البقعةُ الواحدةُ، إذ كان مصروفًا قبلَ أن تسمَّى به البقعةُ، ترْكًا منهم له على أصلِه؛ لأن التاءَ فيه صارت بمنزلةِ الياءِ والواوِ في "مسلمين ومسلمون"؛ لأنه تذكيرُه، فصار التنوينُ بمنزلةِ النونِ، فلمَّا سُمِّي به تُرِك على حالِه، كما يُترَكُ "مسلمون" إذا سُمِّي به على حالِه.

قال: ومِن العربِ مَن لا يصرِفُه إذا سمَّى به، ويشبِّهُ "التاءَ" بهاءِ التأنيثِ، وذلك قبيحٌ ضعيفٌ. واستَشهد بقولِ الشاعرِ (٥):

تَنَوَّرْتُها مِن أذْرِعاتٍ (٦) وأهْلُها … بيَثربَ أدْنى دارِها نَظَرٌ عَالِ

قال: ومنهم مَن لا يُنوِّنُ "أذرِعات"، وكذلك "عانات" (٧)، وهو مكانٌ.

وقال بعضُ نحويِّي الكوفيين: إنما انصرَفت عرفاتٌ؛ لأنهن على جماعٍ مؤنثٍ بـ "التاءِ".


(١) في الديوان: "عليه".
(٢) في م: "جنانه".
(٣) المنيح: سهم من سهام الميسر مما لا نصيب له، إلا أن يمنح صاحبه شيئا. الصحاح (م ن ح).
(٤) ينظر الكتاب ٣/ ٢٣٣.
(٥) هو امرؤ القيس، والبيت في ديوانه ص ٣١.
(٦) أذرعات: بلد في أطراف الشام يجاور أرض البلقاء وعمان. معجم البلدان ١/ ١٧٥.
(٧) عانات: موضع من أرياف العراق، قال الخليل: مما يلي ناحية الجزيرة. معجم ما استعجم ٣/ ٩١٤.