للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وكذلك ما كان على (١) جماعٍ مؤنثٍ بـ "التاءِ"، ثم سَمَّيتَ به رجلًا أو مكانًا أو أرضًا أو امرأةً، انصرَفتْ.

قال: ولا تكادُ العربُ تُسمِّي شيئًا من الجماعِ إلا جِماعًا، ثم تجعلُه بعدَ ذلك واحدًا.

وقال آخرُ (٢) منهم: ليست عرفاتٌ حكايةً، ولا هي اسمٌ منقولٌ، ولكنَّ الموضعَ سُمِّي هو وجوانبُه بعرفاتٍ، ثم سُمِّيت بها البُقْعةُ، فهي (٣) اسمٌ للموضعِ، لا ينفردُ واحدُها. قال: وإنما يجوزُ هذا في الأماكنِ والمواضعِ، ولا يجوزُ ذلك في غيرِها من الأشياءِ. قال: ولذلك نَصَبتِ العربُ "التاءَ" في ذلك؛ لأنه موضعٌ، ولو كان مَحْكِيًّا لم يكنْ ذلك فيه جائزًا؛ لأنَّ مَن سَمَّى رجلًا بـ "مسلماتٍ" أو "مسلمين" لم يَنقُلْه في الإعرابِ عمَّا كان عليه في الأصلِ، فلذلك خالَف "عاناتٍ" و"أذرِعاتٍ" ما سُمِّي به من الأسماءِ على وجْهِ الحكايةِ.

واختلَف أهلُ العلمِ في المعنى الذي مِن أجلِه قيل لعرفاتٍ: عرفاتٌ؛ فقال بعضُهم: قِيل لها ذلك مِن أجلِ أنَّ إبراهيمَ خليلَ الرحمنِ لمَّا رآها عرَفها بنعتِها الذي كان لها عندَه، فقال: قد عَرَفتُ. فسُمِّيت عرفاتٍ بذلك.

وهذا القولُ مِن قائلِه يدلُّ على أنَّ عرفاتٍ اسمٌ للبُقْعةِ، وإنما سمِّيتْ بذلك لنفسِها وما حولَها، كما يقالُ: ثوبٌ أخلاقٌ، وأرضٌ سَباسبُ (٤). فتُجمَعُ بما حولَها.


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "من".
(٢) في م، ت ٢: "آخرون".
(٣) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٤) السباسب: الجدبة، والأرض القفار. اللسان (سبسب).