للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾. قال: كانت العربُ تَقِفُ بعرفاتٍ، فتُعظِمُ قريشٌ أن تَقِفَ معهم، فتَقِفُ قريشٌ بالمزدلفةِ، فأمَرهم اللَّهُ أن يُفِيضوا مع الناسِ من عرفاتٍ.

حدِّثتُ عن عمارٍ، قال: ثنا ابنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ قولَه: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾. قال: كانت قريشٌ وكلُّ ابنِ أختٍ وحليفٍ لهم لا يُفِيضون مع الناسِ من عرفاتٍ، يَقِفون في الحرَمِ ولا يخرُجون منه، يقولون: إنما نحن أهلُ حرَمِ اللَّهِ، فلا نخرُجُ من حرَمِه. فأمَرهم اللَّهُ أن يُفِيضوا من حيثُ أفاض الناسُ، وكانت سنةُ إبراهيمَ وإسماعيلَ الإفاضةَ من عرفاتٍ.

حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابنِ إسحاقَ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ أبي نجيحٍ، قال: كانت قريشٌ - لا أدري قبلَ الفيلِ أم بعدَه - ابتَدعَت أمْرَ الحُمْسِ رأيًا رأوه بينَهم، قالوا: نحن بنو إبراهيمَ، وأهلُ الحَرَمِ (١)، وولاةُ البيتِ، وقاطِنو مكةَ وساكِنوها، فليس لأحدٍ من العربِ مثلُ حقِّنا، ولا مثلُ مَنْزِلتِنا (٢)، ولا تعرِفُ له العربُ مثلَ ما تَعرِفُ لنا، فلا تُعَظِّموا شيئًا من الحِلِّ كما تُعَظِّمون الحرَمَ، فإنكم إن فعلْتُم ذلك استَخفَّت العربُ بحُرمِكم، وقالوا: قد عظَّموا من الحِلِّ مثلَ ما عظَّموا من الحَرَمِ. فتَرَكوا الوقوفَ على عَرفةَ والإفاضةَ منها، وهم يعرِفون ويُقِرُّون أنها من المشاعِرِ والحَجِّ ودينِ إبراهيمَ، ويَرون لسائرِ العرب (٣) أن يَقِفوا عليها وأن يُفِيضوا منها، إلا أنهم قالوا: نحن أهلُ الحرَمِ، فليس ينبغي لنا أن نخرُجَ من الحُرْمةِ،


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الحرمة".
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "منزلنا".
(٣) في م: "الناس".