للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقُزَحَ، وكان الناسُ يَقِفون بعَرفةَ. قالت: فأنزَل اللَّهُ: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ (١).

وقال آخرون: المخاطبون بقولِه: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا﴾ المسلمون كلُّهم، والمَعْنِيُّ بقولِه: ﴿مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ مِن جَمْعٍ، وبالناسِ إبراهيمُ خليلُ الرحمنِ .

ذكرُ منَ قال ذلك

حُدِّثتُ عن القاسمِ بنِ سلَّامٍ، قال: ثنا مروانُ (٢) بنُ معاويةَ الفَزاريُّ، عن أبي بِسْطامَ، عن الضَّحاكِ، قال: هو إبراهيمُ (٣).

قال أبو جعفرٍ: والذي نراه صَوابًا في تأويلِ هذه الآيةِ [التأويلُ الذي رُوِي عن عائشةَ وابنِ عباسٍ] (٤)، أنه عُنِي بهذه الآيةِ قريشٌ ومَن كان مُتَحَمِّسًا معها من سائرِ العربِ؛ لإجماعِ الحُجَّةِ من أهلِ التأويلِ على أن ذلك تأويلُه.

وإذ كان ذلك كذلك، فتأويلُ الآيةِ: فمَن فرَض فيهن الحَجَّ فلا رَفَثٌ ولا فسوقٌ ولا جدالَ في الحَجِّ، ثم أفِيضوا من حيثُ أفاض الناسُ، واستغفِروا اللَّهَ إن اللَّهَ غفورٌ رحيمٌ، وما تَفعَلوا من خيرٍ يعلَمْه اللَّهُ.

وهذا إذ كان ما وصَفْنا تأويلَه، فهو مِن المُقدَّمِ الذي معناه التأخيرُ، والمؤخَّرِ الذي معناه التقديمُ، على نحوِ ما تقدَّم بيانُناه في مثلِه، ولولا إجماعُ مَن (٥) وصَفتُ


(١) تقدم تخريجه في ص ٥٢٥.
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "هارون". وينظر تهذيب الكمال ٢٧/ ٤٠٣.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٣٥٤ (١٨٦١) من طريق مروان به.
(٤) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٥) في الأصل: "ما".