للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالرَّجيعِ، قال رجالٌ من المنافقِين. ثم ذكَر نحوَ حديثِ أبي كُريبٍ (١).

وقال آخرون: بل عَنَى بذلك جميعَ المنافقِين، وعَنَى بقولِه: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ﴾. اختلافَ سَريرتِه وعَلانيتِه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ أبي مَعْشَرٍ، قال: أخبرَني أبي أبو مَعْشَرٍ نَجيحٌ، قال: سَمِعْتُ سعيدًا المَقْبُرِيَّ يُذاكرُ محمدَ بنَ كعبٍ، فقال سعيدٌ: إن في بعضِ الكتبِ أن للَّهِ عبادًا ألسنتُهم أحلى من العسلِ، وقُلوبُهم أمرُّ من الصَّبِرِ، لَبِسوا لِباسَ (٢) مُسُوكِ (٣) الضَّأنِ من اللِّينِ، يَجْتَرُّون الدنيا بالدينِ، قال اللَّهُ: أعليَّ يَجْتَرِئُون، وبي يَغْتَرُّون؟ وعِزَّتي لأَبْعَثَنَّ عليهم فتنةً تترُكُ الحليمَ منهم حيرانَ. فقال محمدُ بنُ كعبٍ: هذا في كتابِ اللَّهِ. فقال سعيدٌ: وأين هو من كتابِ اللَّهِ؟ قال: قولُ اللَّهِ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (٢٠٤) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾. فقال سعيدٌ: قد عرَفْتُ في مَن أُنزِلتْ هذه الآيةُ. فقال محمدُ بنُ كعبٍ: إن الآيةَ تَنزِلُ في الرجلِ، ثم تكونُ بعدَه عامّةً (٤).


(١) سيرة ابن هشام ٢/ ١٧٤، ١٧٥، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٣٦٣ - ٣٦٩، (١٩١٠، ١٩١٤، ١٩١٨، ١٩٢٤، ١٩٣٥، ١٩٤١) من طريق سلمة به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٣٨ إلى ابن المنذر.
(٢) في م: "للناس".
(٣) المسوك، جمع المَسْك، وهو الجلد. اللسان (م س ك).
(٤) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٣٦١ - تفسير) - ومن طريقه البيهقي في الشعب (٦٩٥٦) - =