للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا﴾ [الفرقان: ٢٥].

وقرَأ ذلك آخَرون: (هل ينظُرون إلا أن يأتيَهم اللَّهُ في ظللٍ من الغمامِ والملائكةِ) بالخفضِ؛ عطفًا بالملائكةِ على الظُّللِ، بمعنى: هل ينظرون إلَّا أن يأتيَهم اللَّهُ في ظُلَلٍ مِن الغمامِ وفي الملائكةِ.

وكذلك اختلَفت القَرأةُ في قراءةِ ﴿ظُلَلٍ﴾؛ فقرَأها بعضُهم: ﴿فِي ظُلَلٍ﴾. وبعضُهم: (في ظلالٍ) (١).

فمَن قرَأها: ﴿فِي ظُلَلٍ﴾. فإنه وجَّهها إلى أنها جمعُ (٢) ظُلَّةٍ، والظُّلَّةُ تُجْمَعُ ظُلَل وظلال، كما تُجْمَعُ [الحُلةُ حُلل] (٣)، [والجُلة جِلال] (٤)

وأمَّا الذي قرَأها: (في ظِلالٍ). فإنه جعَلها جمعَ ظُلَّةٍ، كما ذكَرْنا مِن جمعِهم [الجُلة جِلالًا] (٥).

وقد يَحْتَمِلُ أن يكونَ قارئُه كذلك وجَّهه إلى أن ذلك جمعُ ظِلٍّ؛ لأن الظُّلَّةَ والظِّلَ قد يُجْمعانِ جميعًا: ظِلال.

والصوابُ مِن القراءةِ في ذلك عندي: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ﴾. لخبرٍ رُوِي عن رسولِ اللَّهِ أنه قال: "إن مِن الغمامِ طاقاتٍ يأتي اللَّهُ فيها محفوفًا" (٦). فدَلَّ بقولِه: "طاقاتٍ". على أنها ظُلَلٌ لا ظِلالٌ؛ لأن


(١) هذه قراءة قتادة، وهي شاذة. ينظر المحتسب ١/ ١٢٢.
(٢) في الأصل: "جميع".
(٣) في م: "الخلة خلل وخلال". وفي ت ٢: "الخلة خلل".
(٤) في م: "الجلة جلل وجلال".
(٥) في م: "الخلة خلال".
(٦) أخرجه الديلمي في مسند الفردوس (٧٩٧) من حديث ابن عباس.