للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحدَ الظُّلَلِ (١) ظُلَّةٌ، وهي الطاقُ، واتِّباعًا لخطِّ المصحفِ، وكذلك الواجبُ في كلِّ ما اتَّفَقت معانيه واخْتَلَفت في قراءتِه القَرأةُ، ولم يكنْ على إحدى القراءتينِ دلالةٌ تَنفَصِلُ بها مِن الأخرى غيرَ اختلافِ خطِّ المصحفِ، فالذي ينبغي أن تُؤْثَرَ قراءتُه منها (٢) ما وافقَ رسمَ المصحفِ.

وأمَّا الذي هو أَوْلَى القراءتينِ في: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ﴾ [بالصوابِ، فالرفعُ] (٣)، عطفًا بها على اسمِ اللَّهِ، على معنى: هل ينظُرون إلَّا أن يأتيَهم اللَّهُ في ظُلَلٍ من الغمامِ، وإلَّا أن تأتيَهم الملائكةُ. على ما رُوِي عن أُبَيِّ بنِ كعبٍ؛ لأن اللَّهَ جل ثناؤُه قد أخبَر في غيرِ موضعٍ مِن كتابِه أن الملائكةَ تأتيهم، فقال جل ثناؤُه: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ [الفجر: ٢٢]. وقال: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨]. فإن أشْكَل على امرئٍ قولُ اللَّهِ جل ثناؤه: ﴿وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾. فظنَّ أنه مخالفٌ معناه معنى قولِه: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ﴾. إذ كان قولُه: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ﴾ في هذه الآيةِ بلفظِ جمعٍ، وفي الأخرى بلفظِ الواحدِ، فإن ذلك خطأٌ مِن الظَّنِّ (٤)، وذلك أن الملَكَ في قولِه: ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ﴾ بمعنى الجميعِ ومعنى الملائكةِ، والعربُ تَذْكُرُ الواحدَ بمعنى الجميعِ، فتقولُ: فلانٌ كثيرُ الدرهمِ والدينارِ. يُرادُ به الدراهمُ والدنانيرُ. و: هلَك البعيرُ والشاةُ. بمعنى جماعةِ الإبلِ والشاءِ. فكذلك قولُه: ﴿وَالْمَلَكُ﴾ بمعنى الملائكةِ.


(١) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "الظل".
(٢) سقط من: م.
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فالصواب بالرفع".
(٤) في م: "الظان".