للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أفَتَرَى الزاعمَ أن تأويلَ قولِ النبيِّ : "أُنْزِلَ القُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ". إنما هو أنه نزَل (١) على الأوجهِ السبعةِ التي ذكَرْنا؛ مِن الأمرِ، والنهيِ، والوعدِ، والوَعيدِ، والجَدَلِ، والقَصَصِ، والمَثَلِ - كان يَرَى أن مُجاهِدًا وسعيدَ بنَ جُبيرٍ لم يقرأا مِن القرآنِ إلا ما كان مِن وجهيه أو وجوهِه الخمسةِ دون سائرِ مَعانيه؟ لئن كان ظنَّ ذلك بهما لقد ظنَّ بهما غيرَ الذي يُعْرفانِ به مِن منازِلِهما مِن القرآنِ، ومعرفتِهما بآيِ الفُرْقانِ.

وحدَّثني يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، قال: حدَّثنا ابنُ عُلَيَّةَ، قال: حدَّثنا أيوبُ، عن محمدٍ، قال: نُبِّئْتُ أن جبرائيلَ وميكائيلَ أتَيا النبيَّ ، فقال له جبرائيلُ: اقْرَإِ القرآنَ على حرفين. فقال له ميكائيلُ: اسْتَزِدْه. فقال: اقْرَإِ القرآنَ على ثلاثةِ أحرفٍ. فقال له ميكائيلُ: اسْتَزِدْه. قال: حتى بلَغ سبعةَ أحرفٍ. قال محمدٌ: لا تَخْتَلِفُ في حَلالٍ ولا حَرامٍ، ولا أمرٍ ولا نَهْيٍ، هو كقولك: تعالَ وهَلُمَّ وأقْبِلْ. قال: وفي قراءتِنا ﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾ [يس: ٢٩]. وفي قراءةِ ابنِ مسعودٍ: (إن كانت إلا زَقْيةً واحدةً) (٢).

وحدَّثني يعقوبُ، قال: حدَّثنا ابنُ عُلَيَّةَ، قال: حدَّثنا شعيبٌ - يعني ابنَ الحَبْحابِ - قال: كان أبو العاليةِ إذا قرَأ عندَه رجلٌ لم يَقُلْ: ليس كما تقْرَأُ. وإنما يقولُ: أما أنا فأَقْرَأُ كذا وكذا. قال: فذكَرْتُ ذلك لإبراهيمَ النَّخَعيِّ، فقال: أُرَى


(١) في ص، ت ١: "أنزل".
(٢) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٥٥ - تفسير) من طريق أيوب وهشام عن ابن سيرين إلى قوله: حتى بلغ سبعة أحرف. وأخرج باقيه أبو عبيد في فضائل القرآن ص ٢٠٨، ٢٠٩ عن ابن علية به.
وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٦٢ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.